وقوله تعالى: * (ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين) * (1).
وهو سبحانه لم يخاطب السماء بكلام، ولا السماء قالت قولا مسموعا، وإنما أراد أنه عمد (2) إلى السماء فخلقها ولم يتعذر عليه صنعها (3)، فكأنه سبحانه لما خلقها قال لها وللأرض (4): * (ائتيا طوعا طوعا أو كرها) * فلما انفعلت (5) بقدرته كانتا (6) كالقائل: أتينا طائعين.
ومثله قوله تعالى: * (يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد) * (7) والله تعالى يجل عن خطاب النار، وهي مما لا يعقل ولا يتكلم (8)، وإنما عبر (9) عن سعتها، وإنها لا تضيق بمن يحلها (10) من المعاقبين.
وذلك كله على مذهب أهل اللغة وعادتهم في المجاز، ألا ترى إلى قول الشاعر:
وقالت له العينان سمعا وطاعة وأسبلتا بالدر لما يثقب (11) والعينان لم تقولا قولا مسموعا، ولكنه أراد منهما البكاء، فكانتا كما أراد (12)
पृष्ठ 50