المُرَاد فعسير (١)، وَقد خرج على أنّه من بَاب قَوْله: على لاحبٍ لَا يُهْتَدَى بمنارِهِ (٢) . وَلم يذكر أَبُو حَيَّان سوى ذَلِك، وَقَالَ: قد يسلطون النَّفْي على الْمَحْكُوم عَلَيْهِ بِانْتِفَاء صفته فَيَقُولُونَ: (مَا قامَ رجلٌ عاقلٌ) أَي: لَا رجلَ عاقلٌ فَيقوم، ثمَّ أنْشد بَيت امْرِئ الْقَيْس الْمَذْكُور، فَقَالَ: أَلا ترى أنّه لَا يُرِيد إِثْبَات منارٍ للطريق وينفي الاهتداء عَنهُ، إنَّما يُرِيد نفي الْمنَار فتنتفي الْهِدَايَة بِهِ أَي: لَا منار لهَذَا الطَّرِيق فيهتدي بِهِ. وَقَالَ الأفوه الأودي (٣): بمَهْمَهٍ مَا لأنيسٍ (٤) بِهِ حِسٌ فَمَا فِيهِ لَهُ من رسيسْ لَا يُرِيد (٥) أنّ بِهَذَا القفر أنيسًا لَا حِسّ لَهُ، إِنَّمَا يُرِيد (٦): لَا أنيس بِهِ فَيكون لَهُ حسٌ. وعَلى هَذَا خرَّج: (فَمَا تنفعهم شفاعةُ الشافعين) (٧) أَي: لَا شَافِع لَهُم فتنفعهم شَفَاعَته، و(لَا يسألونَ الناسَ إلحافًا) (٨) أَي: لَا سُؤال فَيكون إلحافا، قَالَ: وعَلى هَذَا يتَخَرَّج الْمِثَال الْمَذْكُور، أَي: لَا يملك درهما فيفضل عَن دِينَار لَهُ، وَإِذا انْتَفَى ملكه لدرهم كَانَ انْتِفَاء ملكه للدينار أولى. قلت: وَهَذَا الْكَلَام الَّذِي ذكره لَا تَحْرِيف فِيهِ، فإنّ الْأَمْثِلَة الْمَذْكُورَة من بَابَيْنِ مُخْتَلفين وقاعدتين متباينتين أميِّز كلا مِنْهُمَا عَن الْأُخْرَى، ثمَّ أذكر أنّ التَّخْرِيج الْمَذْكُور (٩) لَا يَتَأَتَّى (١٠) على شَيْء مِنْهُمَا:
_________
(١) ح: فعسر.
(٢) أ: على ناحت. و(لَا) سَاقِطَة من ب. وَالْقَوْل هُوَ صدر بَيت لامرئ الْقَيْس فِي ديوانه ٦٦ وعجزه إِذا سافه الْعود النباطي جرجرا.
(٣) ديوانه ١ ﴿الطرائف الأدبية) . والأفوه هُوَ صلاءة بن عَمْرو، لقب الأفوه لِأَنَّهُ كَانَ غليظ الشفتين ظَاهر الْأَسْنَان، وَهُوَ شَاعِر جاهلي. (الشّعْر وَالشعرَاء ٢٢٣، الأغاني ١٢ / ١٦٩، معاهد التَّنْصِيص ٤ / ١٠٧) .
(٤) ب، ح: مَا لَا أنيس.
(٥) و(٦) أ: يُرِيدُونَ.
(٧) المدثر ٤٨.
(٨) الْبَقَرَة ٢٧٣.
(٩) سَاقِطَة من ب.
(١٠) أ: لَا يَأْتِي.
1 / 16