شرح الْإِعْرَاب، فَيكون من بَاب: (أعجبني طيبُهُ أَبَا)، فإنّ كَون (أَبَا) تمييزًا إنّما هُوَ بِاعْتِبَار قَوْلك (طيبُهُ) لَا (١) بِاعْتِبَار الْجُمْلَة كلهَا. قلتُ: تَمْيِيز النِّسْبَة الْوَاقِع بعد المتضايفين لَا يكون إلاّ فَاعِلا فِي الْمَعْنى، ثمَّ قد يكون مَعَ ذَلِك فَاعِلا فِي الصِّنَاعَة بِاعْتِبَار الأَصْل فَيكون محولًا عَن الْمُضَاف إِلَيْهِ نَحْو: (أعجبني طيبُ زيدٍ أَبَا) إِذا كَانَ المُرَاد الثَّنَاء على أبِ زيد، فإنّ أَصله: أعجبني طيبُ أبِ زيدٍ. وَقد لَا يكون كَذَلِك فَيكون صَالحا لدُخُول (من) نَحْو: (للهِ دره فَارِسًا) و(ويحه رجلا) و(ويله إنْسَانا) . فَإِن الدّرّ بِمَعْنى الْخَيْر، والويح وَالْوَيْل (٢) بِمَعْنى الْهَلَاك، ونسبتهما إِلَى الرجل نِسْبَة الْفِعْل إِلَى فَاعله. وَمِنْه: (أعجبني طيبُ زيدٍ أَبَا) إِذا كَانَ الْأَب نفس زيد. وتعلُّقُ الشَّرْح بالإعراب وَنَحْوه إنّما هُوَ تعلُّقُ الْفِعْل بالمفعول لَا بالفاعل، ثمَّ إنّا لَا نعلم تمييزًا جَاءَ بِاعْتِبَار متضايفين (٣) حُذِفَ المضافُ مِنْهُمَا. الْوَجْه الثَّالِث: أنّ يكون مَفْعُولا مُطلقًا. وأصل (٤) الْإِعْرَاب: تَغْيِير الآخر لعامل. اصْطَلحُوا على ذَلِك اصْطِلَاحا، ثمَّ حُذِف الْعَامِل وَاعْترض بِالْمَصْدَرِ بَين الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر. وَهَذَا الْوَجْه مَرْدُود أَيْضا لأنَّه مُمْتَنع فِي قَوْلك: الْإِعْرَاب لُغَة الْبَيَان، فإنّ اللُّغَة لَيست مصدرا، لأنّها لَيست اسْما للْحَدَث (٥)، وَلِهَذَا تُوصَف بِمَا تُوصَف بِهِ الْأَلْفَاظ المسموعة، فيُقال: لُغَة فصيحة كَمَا يُقَال: كلمة فصيحة، اسْم (٦) للفظ المسموع.
_________
(١) ح: وَلَا.
(٢) سَاقِطَة من ب.
(٣) ب: مضامين.
(٤) أ، ب: وَالْأَصْل.
(٥) ح: لحَدث.
(٦) ب: اسْما.
1 / 25