عِنْد وجود هذَيْن (١) أبْعَدُ. فإنْ قلتَ: هَبْ أنَّ هَذَا امْتنع حيثُ الْعَامِل (٢) مصدر لكنّه لَا يمْتَنع (٣) حَيْثُ هُوَ وصف كَقَوْلِه: الدليلُ لُغَة المرشدُ. قلتُ: بل يمْتَنع لأنّ اسْم الْفَاعِل صلَة الْألف وَاللَّام أيْ: الدليلُ الَّذِي يرشد، وَلَا يتَقَدَّم مَعْمُول الصِّلَة على الْمَوْصُول، وَلَو كَانَ ظرفا، وَلِهَذَا يؤول قَول الله (٤) ﷾: (وَكُونُوا فِيهِ من الزاهدين) (٥)، (إنِّي لَكمَا لمن الناصِحينَ) (٦)، (إنِّي لعملِكُم من القالِينَ) (٧) . وَلَو قدَّرنا (أل) فِي (٨) ذَلِك لمحض التَّعْرِيف، كَمَا يَقُول الْأَخْفَش (٩)، لم نخلص من الْإِشْكَال الثَّانِي، وَهُوَ فَسَاد الْمَعْنى، إِذْ الْمَعْنى حِينَئِذٍ: الدَّلِيل الَّذِي يرشد فِي اللُّغَة لَا الَّذِي يرشد فِي غير اللُّغَة. وَأَيْضًا فَإِذا امْتنع التَّعْلِيق بالْخبر حَيْثُ يكون الْخَبَر مصدرا امْتنع فِي الْبَاقِي، لأنّ هَذِه الْأَمْثِلَة بابٌ واحدٌ. فإنْ قلتَ: قُدِّر التَّعْلِيق بمضاف مَحْذُوف أَي: تَفْسِير الْإِعْرَاب فِي اللُّغَة الْبَيَان، كَمَا قَالُوا: (أَنْت مني فرسخان) على تَقْدِير: بعْدك مني فرسخان (١٠) وقُدِّر فِي مثلهَا فِي قَوْلهم: الِاسْم مَا دلَّ على معنى فِي نَفسه. أَي: مَا دلَّ على معنى بِاعْتِبَار نَفسه لَا بِاعْتِبَار أَمر خَارج عَنهُ، فإنّه إِذا لم يُحمل على هَذَا اقْتضى أنْ يكون معنى الِاسْم، وَهُوَ الْمُسَمّى (١١)، مَوْجُودا فِي لفظ الِاسْم، وَهُوَ
_________
(١) أ: هَاتين.
(٢) ح: الْخَبَر.
(٣) أ: يمْنَع.
(٤) ب: تأولوا قَوْله تَعَالَى.
(٥) يُوسُف ٢٠.
(٦) الْأَعْرَاف ٢١.
(٧) الشُّعَرَاء ١٦٨.
(٨) (ال فِي) سَاقِط من ب.
(٩) (كَمَا يَقُول الْأَخْفَش) سَاقِط من أ. والأخفش هُوَ سعيد بن مسْعدَة، أشهر كتبه مَعَاني الْقُرْآن، والقوافي، ت ٢١٥ هـ، (مَرَاتِب النَّحْوِيين ٦٨، أَخْبَار النَّحْوِيين الْبَصرِيين ٣٩، نور القبس ٩٧) .
(١٠) (على تَقْدِير. . فرسخان) سَاقِط من أبسبب انْتِقَال النّظر.
(١١) سَاقِطَة من أ.
1 / 23