وقلتَ: وكان ضَرْب المرأة صاحبتها بالعمود يُشبه العمدَ وطريقه طريق العمد، وقضى النبيّ ﷺ فيه بالدية على عاقلة (١) المرأة، والعاقلة لا تحمل العمد، وإنّما تحمل الخطأ؛ وقلتَ: فكيف وجه خروج هذا الحديث؟ وكيف أوجب النبيّ ﷺ على عاقلةٍ دية العمد؟
فالجواب، وبالله عوني وهو حسبي:
إنّ حديث أبي هريرة هذا فيه ما ذكرتَ، وهو حديث قد ذكره مالك في "موطّئه" عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيِّب عن النبيّ ﷺ مرسلًا، وعن ابن شهاب عن أبي سلمة عن أبي هريرة مُسنَدًا (٢)، ولم يذكر مالك حكم الدية وسكت عن ذلك، وإنّما ساق فيه قصّة الجنين وحكمه لا غير، وما أظنّ مالكًا - والله أعلم -[ما] (٣) روى من
= كذلك، بل هي المجني عليها، فأقيم "على" مكان "اللام"، كما يقال: "بارك الله فيك، وبارك عليك"، ذكره عياض في "الإكمال" (٥/ ٤٩٠).
وأمّا قوله: "وأنّ العقل على عصبتها" المقصود: القاتلة كما جاء في لفظ آخر: "فجعل دية المقتول على عصبة القاتلة".
انظر تفسيره في "إكمال المعلم" (٥/ ٤٩٠ - ٤٩١)، و"شرح النووي على مسلم" (١١/ ١٧٧).
(١) "العاقلة" جمع "عاقل"، وجمع الجمع "عواقل"، و"المعاقل": الدِّيات، و"العقل": الديّة، سُمِّيت بذلك لأنّ مؤدّيها يعقلها بفناء أولياء المقتول، هذا لغة.
وأمّا عند الفقهاء؛ فالمقصود بالعاقلة: "العصبات، ما عدا الآباء والأبناء"، انظر: "الإعلام" لابن الملقّن (٩/ ١٠٩).
(٢) انظر: "الموطّأ" ليحيى [كتاب العقول (٥ - ٦) باب عقل الجنين]، وصوّب الدارقطني في "العلل" (٩/ ٣٥٢) رواية مالك عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة.
(٣) تعيّن زيادة "ما" النافية؛ لأنّ مالكًا ﵀ لم يرو من طريق "موطَئه" قصّة قتل المرأة مع جنينها وحكم دمها.