============================================================
المسائا المشكلة فإن قلت: فما تنكر أن تكون قدر النون قبل الهاء في قوله: قاله، كأنه أراد: قالن، فلما احتلب هاء الوقف للضرورة إلى القافية، وكانت ساكنة حذف النون لالتقاء الساكنين؟
فإن ذلك بعيد، لأن النون الخفيفة إذا لحقت فعلا مفتوحا منزلة التنوين تبدل منها الألف، كما تبدل من التنوين، ولا يجوز أن تحذف، فإذا أبدلت منها الألف لم يجز احتلاب اهاء لأفها علامة وقف، كما أفا علامة وقف، فيلزم من ذلك احتماع حرفين يلحقان موضعا واحدا لمعنى واحد، وذلك غير موجود في شيء من العربية.
فإن قلت: إها إذا أبدلت منها الألف صار ساكنا، والساكن قد دخله هاء الوقف في الوقف، وذلك قولهم: لم أبله فكذلك تدخل الألف اليي هي بدل من النون في (هاله)، فإذا دخلته الهاء لزم حذفها؛ لسكوها وسكون الهاء.
فالجواب: إنا قد قلنا: إن ذلك أقبح من (لا ثبله) لكون الحرفين جميعا في الوقف وله، وقد قالوا: لا تبله، ولم نرهم جمعوا بين حرفين لمعنى في موضع واحد.
فإن قلت: إن حمله على النون الخفيفة يعترض فيه من الضرورة أقل مما يعترض في حمله على ما ذكرت لأنه إنما يقدر أنه حذف الألف لالتقاء الساكنين، هي والهاع، وفيه على ما ذكرت، ووجهت غير وجه من الضرورات، فحمله على هذا أولى.
فالجواب : إن حمله على ذلك الوجه الذي ذكرنا أولى، وإن كانت أو جه الضرورات فيه أكثر، لأن تلك جهات قد جاعت في الاضطرار. فأما النون فلا يجب الحمل عليه، لتقدير التقاء حرفين لمعن، وذلك مما لم يجى في اختيار ولا اضطرار.
فإن قيل: أحذف النون لا أبدل منها، ثم ألحق الهاء للوقف. فذلك لا يجوز، لأنه لم يجئ في كلام لهم، فقد حكينا أن قوله: اضرب عنك الهموم، مصنوع. وقال المري لما قتل الفزاري التغلي: طاح لعمري مرقمه فقال الفزاري: وأنت إن لم تلقمه
पृष्ठ 172