============================================================
المساتا المشكلة أن (قلما) أجري نفيا، وغلب ذلك فيه ضارع الحرف، فلم يقتض الفاعل كما لا يقتضيه الحرف لمشاهته له، ويدل على إحرائهم إياه محرى الحرف أنه لا يقع إلا مبتدأ، ولا يكون مبنيا على شيعه فكما شابه الحرف في هذا كذلك شاهه في آيه لم يكن له فاعل..
فأماء كثر ما يقولن ذاك فلما كان خلافه أجرى محراه ك(صديان)، و (ريان)، و(شعبان)، و (طيان)، ونحو ذلك ما يكثر تعداده، أجري محرى خلافه، كذلك: كثر ما تقولن ذاك.
ويذلك على إحرائهم إياه محرى الحرف، وأنه لذلك يحسن أن لا يقتضي فاعلا كما يقتضيه سائر الأفعال، لمشاهته حرف النفي في قوهم: سرت حتى أدخلها، ألا ترى: أنهم لم يرفعوا الفعل بعد (حتى)، كما لم يرفعوه بعد النفي في قولك: ما سرت حتى آدخلها.
فاحراؤهم هنا (قلما) محرى الحرف يقؤي أيضا إحراءها محراه في أن لا تقتضي فاعلا، ويحسن ذلك فيها في القياس. فهذا وجه مذهب سيبويه فيه، وهو الجيد.
وأما ما حكاه يونس من قولهم: كثر ما تقولن ذاك فإنه تأوله على ما تأوله: قلما يقوم، ويحتمل أن تكون معني (الذي) فيكون التقدير: كثر الذي يقوله. ودخول النون في الفعل على هذا كدخوله في قوله: ترفعن توبي شمالات(1) وحاز ذلك فيه، لأله كالمثل، وقد يجوز في الأمثال ما لا يجوز في الكلام، نحو: عسى الغوير أبؤسا، ويحتمل أن تكون معني المصدر، كأنه كثر قولك، وكذلك ما حكاه من قولهم: قلما سرت، يحتمل هذين الوجهين. فهذه وجوه (ما) الكافة.
(1) البيت لجذمة الأبرش، وصدره: رعا أوليت في علم.
पृष्ठ 111