والشرب فلا يقص مثله عن الأنبياء. وقوله ﴿يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ﴾ ١ كذلك، لأنه لا يرث من آل يعقوب أموالهم، والنبي لا يطلب ابنا ليرث ماله، وهذا لا يصدر إلا ممن هو أقل الناس عقلا ودينا.
(٧١) قوله: "ما أقلت الغبراء ... "إلخ
بتقدير ثبوته لم يرد به أنه أصدق الناس، فإنه يلزم أن يكون أصدق منه ﷺ، ولكن معناه: ليس غيره أكثر تحريا للصدق منه، والصادق شيء والصديق شيء ليس لكونه صادقا، بل لكونه صدق الأنبياء. فالصديق ليس فضيلته في مجرد الصدق، بل إنه علم ما جاء به النبي ﷺ جملة وتفصيلا، وصدق ذلك تصديقا كاملا في العلم والقصد والقول والعمل. وأبو ذر لم يعلم ما أخبر به ﷺ كما علمه أبو بكر فإنه أعرف منه، وأعظم حبا لله ورسوله، وأعظم نصرا لله ورسوله، وأعظم جهادا بنفسه وماله، إلى غير ذلك من الصفات التي هي كمال الصديقية.
(٧٢) وقال في قول الرافضي: إذاعة سر رسول الله ﷺ:
أهل السنة في هذا الباب قائمون بالقسط شهداء لله، قولهم لا يتناقض، وأما أهل البدع ففيهم من التناقض ما ننبه على بعضه؛ وذلك أن عندنا أن أهل بدر كلهم في الجنة، وكذلك أمهات المؤمنين، لكن ليس من شرط ذلك سلامتهم من الخطأ والذنوب، فما يذكر عن الصحابة من السيئات كثير منه كذب، وكثير منه كانوا مجتهدين فيه؛ وما قدر أنه ذنب فهو مغفور إما بتوبة أو حسنات، أو غير ذلك، فإنه قد قام الدليل على أنهم في الجنة؛
_________
١ سورة مريم آية: ٦.
1 / 49