ما يستحق من الشكر الذي لا يستحقه غيره صار [الشرك كله له] ١، والشر انحصر سببه في النفس، فعلم من أين يؤتى، فتاب واستعان بالله، كما قال بعض السلف: "لا يرجونّ عبد إلا ربه، ولا يخافنّ إلا ذنبه " وقد تقدم قول السلف ابن عباس وغيره أن ما أصابهم يوم أحد مطلقا كان بذنوبهم لم يستثن أحد، وهذا من فوائد تخصيص الخطاب، لئلا يظن أنه عام مخصوص.
والتاسع: أن السيئة إذا كانت من النفس، والسيئة خبيثة كما قال: ﴿الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ﴾ ٢ الآية، قال جمهور السلف: الكلمات الخبيثة للخبيثين وقال: ﴿وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ﴾ (وقال): ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ﴾ ٣، والأقوال والأفعال صفات القائل الفاعل، فإذا اتصفت النفس بالخبث فحملها ما يناسبها، فمن أراد أن يجعل الحيَّاتِ يعاشرن الناس كالسنانير لم يصلح، بل إذا كان في النفس خبث طهرت حتى تصلح للجنة كما في الصحيح من حديث أبي سعيد وفيه: "حتى إذا هذبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة" ٤. فإذا علم الإنسان أن السيئة من نفسه لم يطمع في السعادة التامة مع ما فيه من الشر بل تحقيق قوله: ﴿مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ﴾ ٥، ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ﴾ ٦ إلخ، وعلم أن الرب حليم، عليم، رحيم، عدل، وأفعاله على قانون العدل والإحسان، كما في الصحيحين: "يمين الله ملأى ... إلى قوله: والقسط بيده الأخرى"،
_________
١ بياض في الأصل، ولعله تمامه.
٢ سورة النور آية: ٢٦.
٣ سورة فاطر آية: ١٠.
٤ البخاري: الرقاق (٦٥٣٥)، وأحمد (٣/١٣) .
٥ سورة النساء آية: ١٢٣.
٦ سورة الزلزلة آية: ٧.
1 / 37