اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا﴾ ١ إلى قوله ﴿وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا﴾ ٢ إلى قوله ﴿خَالِدُونَ﴾ وفي الآية الأخرى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ﴾ ٣.
فبرأ الله نبيه منهم. وقد كره ﷺ من المجادلة ما يفضي إلى الاختلاف والتفرق، فخرج على قوم من أصحابه وهم يتجادلون في القدر فكأنما فقئ في وجهه حب الرمان وقال: "أبهذا أمرتم أم إلى هذا دعيتم؟ " إلخ.
ثم ذكر ثلاثا وسبعين فرقة، ثم قال: في وصف الفرقة الناجية بأنهم المستمسكون بسنته وأنهم هم الجماعة.
(٢٢) مسألة رؤية الكفار ربهم في القيامة
انتشر الكلام فيها بعد الثلاثمائة من الهجرة، وأمسك عن الكلام فيها قوم من العلماء، وتكلم فيها آخرون؛ فاختلفوا على ثلاثة أقوال، والكلام فيها قريب من مسألة محاسبة الكفار. هل يحاسبون أم لا؟ والحساب يراد به عرض الأعمال على الكفار وتوبيخهم وزيادة العذاب ونقصه بزيادة الكفر ونقصه، فهذا ثابت بالاتفاق. ويراد به وزن الحسنات والسيئات ليتبين أيهما أرجح. فالكافر لا حسنات له، وإنما توزن أعماله لتظهر خفة موازينه؛ هذا المراد بالحساب.
هل الله يكلمهم أم لا؟ فالقرآن والحديث يدل على أنه يكلمهم كلام توبيخ، فيكاد الخلاف يرتفع. والأقوال الثلاثة في رؤية الكفار:
أحدها: أن الكفار لا يرونه بحال، لا المُظْهِر ولا المُسِرّ، وهو قول أكثر المتأخرين.
الثاني: أنه يراه من أظهر التوحيد من مؤمن ومنافق، قاله
_________
١ سورة آل عمران آية:١٠٢- ١٠٣.
٢ سورة آل عمران آية: ١٠٥.
٣ سورة الأنعام آية: ١٥٩.
1 / 20