وَإِذا تقرر هَذَا الْمَعْنى جِئْنَا إِلَى مَسْأَلَة الْخلاف، وَقد نَص سِيبَوَيْهٍ على اشتقاق الْفِعْل من الْمصدر وَهُوَ قَوْله فِي الْبَاب (الأول): (أما الافعال فأمثلة أخذت من لفظ احداث الْأَسْمَاء، وبنيت لما مضى وَلما هُوَ كَائِن لم يَنْقَطِع، وَلما سَيكون) .
وَأخذت: بِمَعْنى اشْتقت، واحداث الْأَسْمَاء: مَا كَانَ مِنْهَا عبارَة عَن الْحَدث وَهُوَ الْمصدر.
وَالدَّلِيل على أَن الْفِعْل مُشْتَقّ من الْمصدر طرق، مِنْهَا وجود حد الِاشْتِقَاق فِي الْفِعْل. وَذَلِكَ ان الْفِعْل يدل على حدث وزمان مَخْصُوص، فَكَانَ مشتقا وفرعا على الْمصدر، كَلَفْظِ (ضَارب، ومضروب) .
وَتَحْقِيق هَذِه الطَّرِيقَة ان الِاشْتِقَاق يُرَاد لتكثير الْمعَانِي، وَهَذَا الْمَعْنى لَا يتَحَقَّق إِلَّا فِي الْفَرْع الَّذِي هُوَ الْفِعْل، وَذَلِكَ ان الْمصدر لَهُ معنى وَاحِد وَهُوَ دلَالَته على الْحَدث فَقَط، وَلَا يدل على الزَّمَان بِلَفْظِهِ، وَالْفِعْل يدل على الْحَدث وَالزَّمَان الْمَخْصُوص، فَهُوَ
1 / 75