Masabeeh al-Durar fi Tanasub Ayat al-Qur'an al-Karim wa al-Suwar
مصابيح الدرر في تناسب آيات القرآن الكريم والسور
प्रकाशक
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
संस्करण संख्या
العدد١٢٩-السنة ٣٧
प्रकाशन वर्ष
١٤٢٥هـ
शैलियों
مَعَاذِيرَهُ﴾ حَاصله أَن الْإِنْسَان المقصر، المجادل عَن نَفسه، حجةٌ على نَفسه، وَلَو احْتج عَنْهَا واجتهد فِي ستر عيوبها، فَلَا تقبل مِنْهُ الْأَعْذَار؛ لِأَنَّهُ أُعطي البصيرة - وَهِي نور الْمعرفَة المركوزة فِي الْفطْرَة الأولى - فأعماها بهوى النَّفس وشهواتها.. بعد ذَلِك قَالَ ﵀:
«.. وَمعنى هَذَا كُله أَن الْإِنْسَان محجوبٌ فِي هَذِه الدَّار عَن إِدْرَاك الْحَقَائِق، بِمَا فِيهِ من الحظوظ والكسل والفتور، وَلما فِيهِ من النقائص، بَيْنَمَا كَانَ النبيُّ ﷺ مبرَّءًا من ذَلِك؛ لخلق الله إِيَّاه كَامِلا، وترقيته بعد ميلاده كلَّ يومٍ فِي مراقي الْكَمَال (...) . وَلكنه ﷺ لتعظيمه لهَذَا الْقُرْآن، لما لَهُ فِي نَفسه من الْجَلالَة، وَلما فِيهِ من خَزَائِن السَّعَادَة، والعلوم الَّتِي لَا حدَّ لَهَا (...) كَانَ يُحرِّك بِهِ لِسَانه استعجالًا لتعهُّده؛ ليحفظه وَلَا يشذَّ عَنهُ مِنْهُ شَيْء، وَلما كَانَ قد ختم - سُبْحَانَهُ - مَا قبلهَا - أَي مَا قبل هَذِه الْآيَات الْأَرْبَع - بالمعاذير، وَكَانَت العجلة مِمَّا يُعتذر عَنهُ، وَكَانَ الْحَامِل على جَمِيع مَا يُوجب الْمَلَامَة والاعتذار مَا طبع عَلَيْهِ الْإِنْسَان من حب العاجلة، قَالَ تَعَالَى: ﴿لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ﴾ لِئَلَّا يمِيل إِلَى العاجلة، وَلَا يَقع فِي مخالفةٍ، إعلامًا بِأَنَّهُ ﷾ قد دفع عَن نبيه ﷺ تِلْكَ الْحجب، وأوصله من رُتْبَة (لوكشف الغطاءُ مَا ازددتُ يَقِينا) إِلَى أنهاها، وَبِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ قادرٌ على مَا يُرِيد من كشفِ مَا يُرِيد لمن يُرِيد، كَمَا يكْشف لكل إنسانٍ عَن أَعماله فِي الْقِيَامَة، حَتَّى يعرف مَا قدَّم مِنْهَا وَمَا أخَّر، وتنبيهًا على أَنه ﷺ لَا كسب لَهُ فِي هَذَا الْقُرْآن غير حسن التلقي، إبعادًا لَهُ عَن قَول الْبشر، (...) وَلما لم يكن لهَذَا التحريك فَائِدَة - مَعَ حفظ الله لَهُ على كل حَال - إِلَّا قصد الطَّاعَة بالعجلة، وَكَانَت العجلة هِيَ الْإِتْيَان بالشَّيْء قبل أَوَانه الْأَلْيَق بِهِ، وَلِأَن هَذِه العجلة وَإِن كَانَت من الكمالات بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ ﷺ، وَإِلَى إخوانه
1 / 116