وبناءا على ما ذكرنا فإن كل ما خلقه الله تعالى من المخلوقات إنما خلقه لحكم ومصالح عظيمة يعود نفعها إلى المخلوقات، ولم يخلقها تعالى لحاجة إليها، ولا لينتفع بها، وهكذا كل ما أمر الله تعالى به، أو نهى عنه في كتبه، أو على ألسنة رسله؛ فإنه لم يفعل ذلك لحاجة يعود نفعها إليه تعالى، بل إنما كان ذلك لمصالح ومنافع تعود إلى المكلفين، ومن هنا قال تعالى: }من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد{ [فصلت/46]، فهو سبحانه غني عن الكذب وخلف الوعد، وظلم العبيد و....إلخ.
وقد قال تعالى: }ومن أصدق من الله قيلا{ [النساء/122]، }إن الله لا يخلف الميعاد{ [الرعد/31]، }ما يبدل القول لدي وما أنا بظلام للعبيد{ [ق/29]، وغير ذلك كثير.
{لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار}
مما يجب التصديق والإيمان به: أنه تعالى لا يرى، ولا تدركه الأبصار لا في الدنيا ولا في الآخرة.
والذي يدل على ذلك: أن الرؤية لا تصح إلا لما كان جسما، وقد ثبت أن الله تعالى ليس بجسم، فلو رؤي الخالق سبحانه وتعالى لكان جسما مقدرا بالطول والعرض والشكل، ومحددا بالفوقية والتحتية والخلف والأمام واليمين والشمال، وفي حالة تحرك أو سكون، وفي مكان مخصوص، وهذه كلها خصائص خاصة بالأجسام، وقد ثبت أن الله تعالى ليس بجسم.
पृष्ठ 11