فتساءلت: ما الذي جعلك تفكرين في ذلك؟
فقالت بحرارة: إني أعبد الحب.
ثم كالمستدركة: أعبد الحب والأيديولوجية.
ولما استتب اطمئنانها إلي قصت علي قصة حياتها في مقهى الفيشاوي، قالت: نشأت في أسرة من البرجوازية الصغيرة، ربها موظف مغمور، وكنت البنت الوحيدة بين أربعة ذكور!
فقلت باسما: إذن كنت جوهرة مدللة. - بالعكس، عانيت الاضطهاد من الجميع، وكان يزداد بتقدم العمر، ولكني فرضت الاحترام عليهم بتفوقي في المدرسة.
فأعلنت إعجابي بابتسامة فقالت: وتقدم لي عريس بعد نجاحي في الثانوية العامة وبالرغم من ترحيب الجميع به إلا أنني اشترطت عليه أن يسمح لي بإتمام دراستي الجامعية، فسألني عن الحكمة وراء ذلك، فصارحته برغبتي في العمل، ولكنه لم يوافق، وانضم إليه في الرأي أهلي ولكنني صممت، فذهب. - وحققت مشروعك بالكامل! - أجل ولكني عرفت في الكلية أستاذا كان له أكبر الأثر في حياتي، طبعا سمعت عن الأستاذ محمد العارف؟ - أجل. - علمني العلم وما هو أخطر منه. - الشيوعية؟ - نعم، ثم ألف بيننا حب عميق، وسرعان ما تزوجنا بعد تخرجي مباشرة.
فقلت بدهشة: حسبتك غير متزوجة. - عشت أياما سعيدة وأنجبت توأمين ذكرا وأنثى. - جميل حقا. - وكانت أمه هي ربة بيتنا؛ فلما توفيت اعترضتنا متاعب فتمزقت بين العمل في الجريدة وبين واجبات البيت، وكان زوجي يحب النظام كما يحب أن يكون موضع الرعاية، فاقترح علي أن أتفرغ للبيت. - رأي لا يخلو من وجاهة.
فقالت بحدة: كلا، كانت لي آمالي الخاصة أيضا فرفضت، ولم أجد منه عطفا ولا تقديرا.
فلم أنبس بكلمة فقالت: وتكشفت لي أنانيته وقلة أدبه ورغبته الدفينة في السيادة، واشتعل بيتنا بالعنف والخصام، ثم انتهى الأمر بالطلاق. - متى وقع ذلك؟ - أيام الكوليرا!
فسألت بإشفاق: وكيف حالك الآن؟
अज्ञात पृष्ठ