فأشرت إلى صديقنا الدكتور عزمي شاكر وقلت: ما أشبه موقفك بالموقف الذي اتخذه هذا الرجل من بادئ الأمر.
فضحك، ورغم ضحكه قال بحدة: لقد سلم قبل المعركة أما نحن فسلمنا بالأمر الواقع بعد أن أثبتت المعركة عقمها. - لعله كان أبعد نظرا! - اسمح لي في هذه الحال أن ألعن بعد النظر!
وكان عزمي شاكر كبير الإعجاب به، وكذلك رضا حمادة على تناقضهما في المبدأ، وكانت شخصية كامل رمزي تغرينا بتحليلها وتقييمها، ويوما قال رضا حمادة: لقد تشفعت به في نقل موظف فأعطاني درسا قاسيا في فساد الوساطة، ومع أنني استأت في نفسي إلا أنني ازددت إعجابا به.
فقال عزمي شاكر: بل أوصاه وزيره بموظف فاعتذر من عدم التنفيذ حرصا على مبادئ العدالة!
فقلت بدهشة: وزيره نفسه؟ - أجل، إنه خلق صلب غير قابل للثني، ولذلك أشك كثيرا في إمكانية بقائه في منصبه!
فسأله رضا حمادة: هل يستغنون عن موظف لاستقامته؟ - إن الأسباب التي تدعو للاستغناء عن موظف لاستقامته أكثر من الأسباب التي تدعو للاستغناء عنه لانحرافه!
واعترف لي كامل رمزي نفسه بأن أحدا في إدارته لا يحبه بدءا من الفراش حتى الوزير، قال: لا أستطيع أن أهتم بعواطف الناس والمصلحة العامة معا، إن منصبي يحتاج لألعبان لا لموظف أمين!
ثم قال بازدراء: نحن شعب المصاطب والمجاملات والمساومات.
وضحك عاليا وقال: لقد عبدنا مصطفى النحاس يوما لا لشيء إلا لنزاهته وصلابته في الحق، وهما صفتان جديرتان بكل مواطن عادي، ولكن لندرتهما جعلنا منهما دعامتين أساسيتين لزعامة شعبية!
فسألته: هل عبدت مصطفى النحاس يوما؟
अज्ञात पृष्ठ