وتنتهي بهذه الأنباء قصة ما أصاب قوم نوح من العذاب:
وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي وغيض الماء وقضي الأمر واستوت على الجودي وقيل بعدا للقوم الظالمين .
على أن قصة نوح نفسه لم تنته بعد؛ فهو محزون على ابنه الذي أغرق وكأنه يعاتب ربه فيه ولكن في إيمان به وإذعان لحكمه فيقول:
إن ابني من أهلي .
كأنه يذكر أن الله قد أمره أن يحمل أهله في السفينة، ولكن ربه يرد عليه ردا فيه الشدة والرفق جميعا. فينبئه بأن ابنه ليس من أهله؛ لأنه عمل غير صالح، ويعظه ناهيا له عن أن يسأله ما ليس له به علم. وإذا نوح يثوب إلى نفسه ويتوب إلى ربه ويعوذ به من أن يسأله ما ليس له به علم ويلتمس منه الرحمة والمغفرة:
ونادى نوح ربه فقال رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين * قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح فلا تسألن ما ليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين * قال رب إني أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علم وإلا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين .
ثم يأمر نوح أن يهبط إلى الأرض بسلام من الله عليه وعلى فريق ممن معه وينبأ بأن فريقا آخر ممن معه يستمتعون في الحياة الدنيا ثم يضطرون إلى عذاب أليم. آمنوا بدعوة نوح فنجوا من الغرق ولكنهم محتاجون إلى أن يمتحنوا في الدنيا فإن أحسنوا نجوا وإن أساءوا فعذاب الله مدخر للذين يخالفون عن أمره ويظلمون أنفسهم:
قيل يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك وأمم سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب أليم .
وهنا تنتهي قصة نوح في هذه السورة الكريمة وينبئ الله نبيه بأن أحداث هذه القصة إنما هي بالقياس إليه وإلى قومه من الغيب لم يعلمها النبي ولم تعلمها قريش إلا بعد أن أوحيت إليه من هذه الآيات. ثم يأمر الله نبيه أن يصبر على ما يلقى من إعراض قومه عنه وإيذائهم له كما صبر نوح على ما لقي من قومه فكانت له العاقبة؛ لأن العاقبة دائما للمتقين:
تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا فاصبر إن العاقبة للمتقين .
अज्ञात पृष्ठ