मरह लबीद
مراح لبيد لكشف معنى القرآن المجيد
अन्वेषक
محمد أمين الصناوي
प्रकाशक
دار الكتب العلمية - بيروت
संस्करण संख्या
الأولى - 1417 هـ
शैलियों
وغلت أسعارنا منذ قدم. وإن تصبهم سيئة أي جدوبة وشدة وغلاء سعر يقولوا هذه من عندك أي هذه من شؤم محمد وأصحابه. أي وإن تصبهم نعمة نسبوها إلى الله تعالى. وإن تصبهم بلية أضافوها إليك كما حكى الله عن قوم موسى بقوله تعالى: وإن تصبهم سيئة يطيروا بموسى ومن معه [الأعراف: 131] وعن قوم صالح بقوله تعالى: قالوا اطيرنا بك وبمن معك [النمل: 47] . قل لهم ردا لزعمهم الباطل وإرشادا لهم إلى الحق كل من عند الله أي كل واحدة من النعمة والبلية من جهة الله تعالى وخلقا وإيجادا من غير أن يكون لي مدخل في وقوع شيء منهما بوجه من الوجوه كما تزعمون، بل وقوع الأولى منه تعالى بالذات تفضلا، ووقوع الثانية بواسطة ذنوب من ابتلى بها عقوبة فمال هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا (78) أي وحيث كان الأمر كذلك فأي شيء حصل لهؤلاء المنافقين واليهود حال كونهم بمعزل من أن يفقهوا حديثا من الأحاديث أصلا فقالوا ما قالوه. إذ لو فهموا شيئا من ذلك لفهموا أن الكل من عند الله تعالى.
فالنعمة منه تعالى بطريق التفضل، والبلية منه تعالى بطريق العقوبة على ذنوب العباد عدلا منه تعالى. ما أصابك من حسنة فمن الله أي ما أصابك أيها الإنسان من نعمة من النعم فهي منه تعالى بالذات تفضلا وإحسانا من غير استيجاب لها من قبلك وما أصابك من سيئة فمن نفسك أي أي شيء أصابك من بلية من البلايا فهي منها بسبب اقترافها المعاصي الموجبة لها. وعن عائشة رضي الله عنها ما من مسلم يصيبه وصب ولا نصب حتى الشوكة يشاكها، وحتى انقطاع شسع نعله إلا بذنب وما يعفو الله عنه أكثر وأرسلناك للناس رسولا أي ليس لك إلا الرسالة والتبليغ وقد فعلت ذلك وما قصرت وكفى بالله شهيدا (79) على جدك وعدم تقصيرك في أداء الرسالة وتبليغ الوحي فأما حصول الهداية فليس إليك بل إلى الله من يطع الرسول فقد أطاع الله. وهذه الآية تدل على أنه لا طاعة إلا لله ألبتة لأن طاعة الرسول لا تكون إلا طاعة لله. وقال الشافعي رضي الله عنه: وهذه الآية تدل على أن كل تكليف كلف الله به عباده في باب الوضوء والصلاة والزكاة، والصوم والحج وسائر الأبواب في القرآن ولم يكن ذلك التكليف مبينا في القرآن فحينئذ لا سبيل لنا إلى القيام بتلك التكاليف إلا ببيان الرسول وإذا كان الأمر كذلك لزم القول بأن طاعة الرسول عين طاعة الله.
قال مقاتل: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: «من أحبني فقد أحب الله ومن أطاعني فقد أطاع الله»
«1» . فقال المنافقون: لقد قارب هذا الرجل الشرك وهو ينهى أن نعبد غير الله ويريد أن نتخذه ربا كما اتخذت النصارى عيسى فأنزل الله هذه الآية ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا (80)
पृष्ठ 212