ببيوت مصر وأحرقت كل قبطي، وتركت بني إسرائيل، فدعا فرعون الكهنة وسألهم عن ذلك.
وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم
(49) والبلاء هاهنا هو المحنة إن أشير بلفظ ذلكم إلى صنع فرعون والنعمة إن أشير به إلى الإنجاء وحمل البلاء على النعمة أحسن، لأنها هي التي صدرت من الله تعالى، ولأن موضع الحجة على اليهود إنعام الله تعالى على أسلافهم، ثم إن كون استبقاء نسائهم على الحياة محنة مع أنه ترك للعذاب لما أن ذلك كان للاستعمال في الأعمال الشاقة وكان سببا لانقطاع النسل ولفساد أمر معيشتهن. وإذ فرقنا بكم البحر أي واذكروا إذ فلقناه بسببكم أي لأجل أن يتيسر لكم سلوكه فأنجيناكم من الغرق بإخراجكم إلى الساحل وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون (50) التطام أمواج البحر بفرعون وقومه وترون بعد ثلاثة أيام جثثهم التي قذفها البحر إلى الساحل وفرعون معهم طافين.
روي أنه تعالى أمر موسى عليه السلام أن يسري ببني إسرائيل، وكانوا اثني عشر سبطا، كل سبط خمسون ألفا فلما خرج موسى ببني إسرائيل بلغ ذلك فرعون. فقال: لا تتبعوهم حتى يصيح الديك، ثم اجتمع إلى فرعون ألف ألف ومائتا ألف، كل واحد منهم على فرس فتبعوا موسى وقومه نهارا، وصادفوهم على شاطئ البحر، فضرب موسى بعصاه البحر فانشق البحر اثني عشر جبلا في كل واحد منها طريق فكان فيه وحل، فهبت الصبا فجف البحر حتى صار طريقا يابسا، فأخذ كل سبط منهم طريقا ودخلوا فيه فقالوا لموسى: إن بعضنا لا يرى صاحبه فضرب موسى عصاه على البحر فصار بين الطرق منافذ، وكوى فرأى بعضهم بعضا فلما وصل فرعون شاطئ البحر رأى إبليس واقفا فنهاه عن الدخول، فجاء جبريل على حجرة، فتقدم فرعون وهو على فحل، فتبعها فرس فرعون فلما دخل فرعون البحر صاح ميكائيل بهم من خلفهم وهو على فرس فقال: ألحقوا آخركم بأولكم. فلما دخلوا البحر ولم يبق واحد منهم التطم البحر عليهم وأغرقهم أجمعين وكان بين طرفي البحر أربعة فراسخ، وهو بحر القلزم طرف من بحر فارس. وقيل: كان ذلك اليوم يوم عاشوراء فصام موسى عليه السلام ذلك اليوم شكرا لله تعالى
وإذ واعدنا موسى.
قرأ أبو عمرو ويعقوب بغير ألف في هذه السورة وفي الأعراف وطه. وقرأ الباقون بالألف في المواضع الثلاثة. أربعين ليلة بإعطاء الكتاب ثم اتخذتم العجل أي عبدتم العجل المسمى «بهموت» . من بعده أي بعد انطلاقه إلى الجبل وأنتم ظالمون (51) أي ضارون لأنفسكم.
قيل: وعد موسى عليه السلام بني إسرائيل وهو بمصر أن أهلك الله عدوهم أتاهم بكتاب
पृष्ठ 20