Mara'at al-Mafatih Sharh Mishkat al-Masabih
مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح
प्रकाशक
إدارة البحوث العلمية والدعوة والإفتاء-الجامعة السلفية
संस्करण संख्या
الثالثة - ١٤٠٤ هـ
प्रकाशन वर्ष
١٩٨٤ م
प्रकाशक स्थान
بنارس الهند
शैलियों
وسائر الكبائر مثل الزنا والسرقة وشرب الخمر والميسر، فقال بقبول الشهادة من التائبين من هذه المعاصي بعد إقامة الحدود عليهم كالأئمة الثلاثة، وخالفهم في التائب من ذنب القذف، فلم يقبل شهادته أبدًا، وإذا كان عدم قبول الشهادة داخلًا في حد القذف وجزءًا منه خلافًا لسائر الحدود، حتى إنه لا يقبل شهادته بعد التوبة أيضًا عند أبي حنيفة، ظهر منه أن حكم حد القذف مخالف لحكم سائر الحدود، فلا يتطهر القاذف من ذنب القذف إلا بالتوبة كما نص على ذلك الآية بخلاف سائر الحدود، فإنها تكون كفارة ومطهرة بنفسها من غير احتياج إلى التوبة بعد إقامة الحد، واستدل له أيضًا بما سيأتي في باب الشفاعة في الحدود من حديث أبي أمية المخزومي أن النبي ﷺ أتي بلص قد اعترف اعترافًا ... الحديث، وفيه «فأمر به فقطع فجيء به، فقال له رسول الله ﷺ: استغفر الله وتب إليه، فقال: أستغفر الله وأتوب إليه، فقال رسول الله ﷺ: اللهم تب عليه» أخرجه أبوداود والنسائي وابن ماجه، قالو: لو كان الحد كفارة لما احتاج إلى الاستغفار بعد القطع مع أن النبي ﷺ أمره بالاستغفار، فعلم أن الحدود أصلها للزجر لا للستر والتكفير. وأجيب عنه بأن معنى قوله «تب» أي في الاستقبال بأن لا تفعله ثانيًا، فيخرج الحديث عما نحن فيه ولا يتم الاستدلال، وقال السندي في حاشية النسائي: قوله «استغفر الله» – أي في حديث أبي أمية المذكور – لعل المراد الاستغفار والتوبة من سائر الذنوب، أو لعله قال ذلك ليعزم إلى عدم العود إلى مثله، فلا دليل لمن قال الحدود ليست كفارات لأهلها مع ثبوت كونها كفارات بالأحاديث الصحاح التي كادت تبلغ حد التواتر، كيف والاستغفار مما أمر به النبي ﷺ فقال: «استغفر لذنبك»، وقد قال الله تعالى: ﴿لقد تاب الله على النبي﴾ [٩: ١١٧] لمعانٍ ومصالح ذكروا في محله، فمثله لا يصلح دليلًا على بقاء ذنب السرقة، والله تعالى أعلم – انتهى. وقال القاري: هذا منه ﷺ يدل على أن الحد ليس مطهرًا بالكلية مع فساد الطوية وإنما هو مطهر لعين ذلك الذنب، فلا عقاب عليه ثانيًا من جهة الرب – انتهى. وتوقف بعض العلماء في كون الحدود كفارات ولم يقضوا في ذلك بشيء؛ لحديث أبي هريرة أن النبي ﷺ قال: «لا أدري الحدود كفارات لأهلها أم لا» أخرجه الحاكم في المستدرك، وقال: صحيح على شرط الشيخين، وأخرجه البزار وأحمد أيضًا، واختلف في وصله وإرساله، وأجيب عنه بأن حديث عبادة أصح وصحته متفق عليها، بخلاف حديث أبي هريرة على ما نص عليه القاضي وغيره، فلا تعارض لكون حديث عبادة واجب التقديم فلا وجه للتوقف في كون الحدود كفارة، ولو سلم التساوي والمعارضة جمع بينهما بأنه يمكن أن يكون حديث أبي هريرة ورد أولًا قبل أن يعلمه الله ثم أعلمه بعد ذلك، قال القاضي: فإن قيل: حديث عبادة هذا كان بمكة ليلة العقبة لما بايع الأنصار رسول الله ﷺ البيعة الأولى بمنى، وأبوهريرة إنما أسلم بعد ذلك بسبع سنين عام خيبر، فكيف يكون حديثه متقدمًا؟ قيل: يمكن أن يكون أبوهريرة ما سمعه من النبي ﷺ، وإنما سمعه من صحابي آخر كان سمعه من النبي ﷺ قديمًا، ولم يسمع من النبي ﷺ بعد ذلك أن الحدود كفارة كما سمعه عبادة، انتهى. وقال الحافظ: الحق عندي أن حديث أبي هريرة صحيح، وهو سابق عن حديث عبادة، والمبايعة المذكورة
1 / 79