حادثة الطف الخالدة وتواصل الإستياء ؛ لما هنالك من فجائع ومصائب ، وإسبال الدموع لكارثتها المؤلمة. وأكثروا من بيان فضل ذلك إلى حد بعيد ؛ لأنهم علموا أن هذا هو العامل القوي في إبقاء الرابطة الدينية ، التي لأجلها لاقى أمير المؤمنين (ع) ما لاقاه ، وأصاب ولده الحسن (ع) ما أصابه. ومصاب الحسين (ع) يدكدك الجبال الرواسي.
فكان أهل البيت (عليهم السلام) يتحرون أساليب مختلفة من البيان ، توجب توجيه النفوس نحو التذكارات الحسينية ؛ لما لها من العلاقة التامة لحفظ المذهب عن الإندراس ، فعبروا عنها بالعموم تارة ، وبالخصوص اخرى. يقول الإمام الصادق (ع): «رحم الله عبدا اجتمع مع آخر فتذاكرا في أمرنا ، فإن ثالثهما ملك يستغفر لهما. وما اجتمع إثنان على ذكرنا إلا باهى الله بهما الملائكة ، فإذا اجتمعتم فاشتغلوا بالذكر ، فإن في اجتماعكم ومذاكرتكم احياءنا ، وخير الناس من بعدنا من ذاكر بأمرنا ، ودعا إلى ذكرنا».
ويقول (ع) للفضيل بن يسار : «تجلسون وتحدثون؟» قال : نعم ، جعلت فداك. قال (ع): «إن تلك المجالس احبها ، فأحيوا أمرنا يا فضيل ، فرحم الله من أحيا أمرنا». ويقول (ع) أيضا «من جلس مجلسا يحيا فيه أمرنا ، لم يمت قلبه يوم تموت القلوب».
فالأئمة (عليهم السلام) أرادوا بهذا النحو من البيان حمل الامة على الإعتقاد بإمامتهم ، وما أوجبه المولى سبحانه من عصمتهم ، وما أهلهم له من الفضائل والفواضل ، وأن الدعوة إليهم ملازمة لاعتقاد خلافتهم دون من اغتصب ذلك المنصب الإلهي.
إن التذكارات الحسينية على اختلاف صورها ؛ من عقد العزاء والمآتم (1)
पृष्ठ 96