بحاجة ماسة إلى الذب عنه ، فلا يقبل منه العذر يوم الحساب.
وإن كلمة أبي عبد الله (ع) لعبيد الله بن الحر الجعفي ، يوم اجتمع معه في قصر بني مقاتل لما استنصره فأبى عليه ، قال له الحسين (ع): «إني أنصحك إن استطعت أن لا تسمع واعيتنا وصراخنا ، ولا تشهد وقعتنا فافعل ؛ فوالله لا يسمع واعيتنا أحد ولا ينصرنا إلا أكبه الله على منخريه في نار جهنم» ، تؤيد ما سجلناه من دحض حجة من يسمع استغاثة الإمام ثم لا ينصره. وأما من لم يسمع الواعية ، وقد أباح له المفارقة ، فهو معذور.
فالضحاك بن عبد الله المشرقي لا يعذر يوم الحساب ؛ لأن استنصار الحسين (ع) في مسامعه ، ويراه مكثورا ، فالواجب عليه الدفاع إلى آخر نفس يلفظه.
وهذا الرجل جاء إلى الحسين (ع) قبل اشتباك الحرب ، وقال له : إني اقاتل معك ما رأيت معك مقاتلا ، فإذا لم أر أحدا ، فأنا في حل؟. فقال له الحسين (ع): «نعم». فخبأ فرسه في بعض الأبنية لما رأى خيل أصحاب الحسين (ع) تعقر ، وصار يقاتل راجلا. ولما بقي الحسين (ع) وحده قال له الضحاك : إني على الشرط؟ ، قال : «نعم ، أنت في حل إن قدرت على النجاة». فأخرج فرسه من الفسطاط وركبها وغار على القوم فأفرجوا له ، وتبعه خمسة عشر رجلا ، فانتهى إلى (شفية)، ولحقه القوم وعرفه أيوب بن مشرح الخيواني ، وكثير بن عبد الله الشعبي ، وقيس بن عبد الله الصائدي ، وقالوا لإخوانهم : هذا ابن عمنا ، ننشدكم الله لما كففتم عنه ، فنجا منهم (2). وقول الحسين (ع): «أنت في حل» لا يكون عذرا له يوم الحساب ؛ لأن أبا عبد الله (ع) لا يسعه أن يقول له : إصبر على القتل ، وهو يعرف مقام الإصرار على الذهاب. والمولى سبحانه لا يعذره يوم الحشر ؛ لأنه يسمع استنصار (أبي الضيم)، ومن يسمع الاستغاثة ولا ينصره ، أكبه الله على وجهه في النار.
* بقاء الشريعة بالحسين
لقد كانت نهضة الحسين (ع) الجزء الأخير من العلة التامة لاستحكام عروش
पृष्ठ 94