جاءهم وما الذي يريدون؟» ، فركب العباس في عشرين فارسا فيهم زهير وحبيب ، وسألهم عن ذلك قالوا : جاء أمر الأمير أن نعرض عليكم النزول على حكمه ، أو ننازلكم الحرب.
فانصرف العباس (ع) يخبر الحسين بذلك ، ووقف أصحابه يعظون القوم. فقال لهم حبيب بن مظاهر : أما والله لبئس القوم عند الله غدا ، قوم يقدمون عليه وقد قتلوا ذرية نبيه وعترته وأهل بيته وعباد أهل هذا المصر المتهجدين بالأسحار الذاكرين الله كثيرا. فقال له عزرة بن قيس : إنك لتزكي نفسك ما استطعت.
فقال زهير : يا عزرة ، إن الله قد زكاها وهداها فاتق الله يا عزرة ، فإني لك من الناصحين ، انشدك الله يا عزرة أن لا تكون ممن يعين أهل الضلالة على قتل النفوس الزكية.
ثم قال عزرة : يا زهير ما كنت عندنا من شيعة أهل هذا البيت ، إنما كنت على غير رأيهم. قال زهير : أفلست تستدل بموقفي هذا أني منهم ، أما والله ما كتبت إليه كتابا قط ، ولا أرسلت إليه رسولا ، ولا وعدته نصرتي ولكن الطريق جمع بيني وبينه ، فلما رأيته ذكرت به رسول الله ومكانه منه ، وعرفت ما يقدم عليه عدوه ، فرأيت أن أنصره وأن أكون من حزبه وأجعل نفسي دون نفسه ؛ لما ضيعتم من حق رسوله.
وأعلم العباس أخاه أباعبد الله بما عليه القوم فقال (ع): «ارجع إليهم ، واستمهلهم هذه العشية إلى غد ، لعلنا نصلي لربنا الليلة وندعوه ونستغفره ، فهو
نعم ، عرفها البصير الناقد بعد أن جربها بمحك النزاهة فوجدها مشبوبة بجنسها ثم أطلق عليها تلك الكلمة الغالية ، ولا يعرف الفضل إلا أهله.
ولا يذهب بك الوهم أيها القارئ إلى القول بعدم الأهمية في هذه الكلمة بعد قول الإمام (ع) في زيارة الشهداء من زيارة وارث : «بأبي أنتم وامي ، طبتم وطابت الأرض التي فيها دفنتم» ؛ لأن الإمام (ع) في هذه الزيارة لم يكن هو المخاطب لهم وانما هو (عليه السلام) في مقام تعليم صفوان الجمال عند زيارتهم أن يخاطبهم بذلك ، فإن الرواية تنص كما في مصباح المتهجد للشيخ الطوسي أن صفوان استأذن الصادق في زيارة الحسين وأن يعرفه ما يقوله ويعمل عليه فقال له : «يا صفوان ، صم قبل خروجك ثلاثة أيام إلى أن قال : ثم إذا أتيت الحائر فقل : الله أكبر ثم ساق الزيارة إلى أن قال : ثم اخرج من الباب الذي يلي رجلي علي بن الحسين وتوجه إلى الشهداء وقل : السلام عليكم يا أولياء الله ...» إلى آخرها.
فالإمام الصادق (ع) في مقام تعليم صفوان أن يقول في السلام على الشهداء ذلك ، وليس في الرواية ما يدل على أنه (عليه السلام) كيف يقول لو أراد السلام على الشهداء.
पृष्ठ 211