عترتك فحرصنا على أن ننبذهم عن جديد الأرض ، فأولي وجهي عنهم ، فيصدرون ظماء عطاشا مسودة وجوههم.
ثم ترد علي راية اخرى أشد سوادا من الاولى ، فأقول لهم : من أنتم؟ فيقولون كالقول الأول ، بأنهم من أهل التوحيد ، فإذا ذكرت لهم اسمي عرفوني ، وقالوا : نحن أمتك ، فاقول له : كيف خلفتموني في الثقلين : الأكبر والأصغر؟ فيقولون : أما الأكبر فخالفناه ، وأما الأصغر فخذلناه ومزقناهم كل ممزق ، فأقول لهم : إليكم عني ، فيصدرون ظماء عطاشا مسودة وجوههم.
ثم ترد علي راية اخرى تلمع نورا ، فأقول لهم : من أنتم؟ فيقولون : نحن أهل كلمة التوحيد والتقوى ، نحن أمة محمد ، ونحن بقية أهل الحق الذين حملنا كتاب ربنا فحللنا حلاله ، وحرمنا حرامه ، وأحببنا ذرية محمد فنصرناهم بما نصرنا به أنفسنا ، وقاتلنا معهم ، وقتلنا من ناوأهم ، فأقول لهم : ابشروا ، فأنا نبيكم محمد ، ولقد كنتم في دار الدنيا كما وصفتم ، ثم أسقيهم من حوضي فيصدرون رواء.
ألا وإن جبرئيل قد أخبرني بأن امتي تقتل ولدي الحسين بأرض كرب وبلاء ، ألا فلعنة الله على قاتله وخاذله آخر الدهر».
قال : ثم نزل عن المنبر ، ولم يبق أحد من المهاجرين والأنصار إلا وتيقن بأن الحسين مقتول حتى إذا كان في أيام عمر بن الخطاب وأسلم كعب الأحبار ، وقدم المدينة جعل أهل المدينة يسألونه عن الملاحم التي تكون في آخر الزمان ، وكعب يحدثهم بأنواع الملاحم والفتن.
فقال كعب لهم : وأعظمها ملحمة هي الملحمة التي لا تنسى أبدا وهو الفساد الذي ذكره الله تعالى في الكتب ، وقد ذكره في «كتابكم» في قوله :
पृष्ठ 240