Maqowamat al-Da'iyah al-Najeh fi Dhaw' al-Kitab wa al-Sunnah
مقومات الداعية الناجح في ضوء الكتاب والسنة
प्रकाशक
مطبعة سفير
प्रकाशक स्थान
الرياض
शैलियों
وهذا من ظواهر حلم النبي ﷺ، فقد أخذ بالظاهر، ولم يؤمر أن ينقب قلوب الناس، ولا أن يشق بطونهم، والرجل قد استحق القتل واستوجبه؛ ولكن النبي ﷺ لم يقتله، لئلا يتحدّث الناس أنه يقتل أصحابه، ولاسيما من صلّى (١).
الصورة الثالثة: مع الطفيل
من مواقف الحلم ما فعله رسول الله ﷺ مع الطفيل بن عمرو الدوسي ﵁، فقد أسلم الطفيل ﵁ قبل الهجرة في مكة، ثم رجع إلى قومه يدعوهم إلى الإسلام، فبدأ بأهل بيته، فأسلم أبوه وزوجته، ثم دعا قومه إلى الله ﷿ فأبت عليه وعصت، وأبطؤوا عليه، فجاء الطفيل إلى رسول الله ﷺ وذكر له أن دوسًا هلكت وكفرت وعصت وأبت.
فعن أبي هريرة ﵁ قال: جاء الطفيل بن عمرو الدوسي إلى رسول الله ﷺ فقال: إن دوسًا قد عصت وأبت، فادع الله عليهم، فاستقبل رسول الله القبلة ورفع يديه، فقال الناس: هلكوا. فقال: «اللهم اهد دوسًا، وائت بهم، اللهم اهد دوسًا، وائت بهم» (٢).
وهذا يدلّ على حلم النبي ﷺ وصبره، وتأنِّيه في الدعوة إلى الله ﷿؛ فإنه ﷺ لم يعجل بالعقوبة، أو الدعاء على من ردّ الدعوة؛ ولكنه ﷺ دعا لهم
_________
(١) انظر: فتح الباري شرح صحيح البخاري، ٨/ ٦٩.
(٢) البخاري، في كتاب الجهاد، باب الدعاء للمشركين بالهدى ليتألفهم، برقم ٢٧٧٩، وفي كتاب المغازي، باب قصة دوس والطفيل بن عمرو الدوسي، برقم ٤١٣١، وفي كتاب الدعوات، باب الدعاء على المشركين، برقم ٦٠٣٤، ومسلم، في كتاب فضائل الصحابة، باب فضل غفار وأسلم وجهينة وأشجع وتميم ودوس وطيئ، برقم ٢٥٢٤، وأخرجه أحمد واللفظ له، ٢/ ٢٤٣، ٤٤٨، وانظر: البداية والنهاية، ٦/ ٣٣٧، ٣/ ٩٩، وسيرة ابن هشام، ١/ ٤٠٧.
1 / 114