نعم، ورد في الحديث القدسي: «ما تقرب إلي عبدي بمثل ما افترضت عليه» (1)، وورد أيضا: «أن الواجب أفضل من سبعين مثلا من النفل». إلا أنهما ليسا من الأدلة الثابتة بسند يعتمد عليه بحيث يخصصان ما دل عليه النقل والعقل من الأدلة من أن «أفضل الأعمال أحمزها» (2)، فإن الثواب المستحق يزيد بزيادة العبادة وينقص بنقصانها؛ لأن المشقة أصل التكليف المؤدي إلى الثواب ومداره، وكلما عظمت عظم، إلا ما أخرجه الدليل الخاص.
وعلى تقدير تمام الثاني يكون الكلام فيما زاد على السبعين، مع أنه لو كان الواجب أفضل من الندب مطلقا لم يكن للتقييد بالسبعين فائدة.
وقد ورد أيضا في بعض النوافل وجوه تترجح بها على الفرائض من وجه وإن كانت الفرائض تترجح من وجه آخر، كما ورد عنه (عليه السلام) أنه «إذا أذن المؤذن أدبر الشيطان وله ضراط» إلى قوله: «فإذا أحرم العبد بالصلاة جاء الشيطان فيقول له: اذكر كذا اذكر كذا حتى يضل الرجل كذلك فلا يدري كم صلى» (3)، مع أن الأذان والإقامة من وسائل الصلاة ومقدماتها المستحبة.
وبالجملة فلا قاطع على أفضلية مطلق الواجب على جميع المندوبات، وللنظر فيه مجال. وكيف كان فحديث أفضلية الفريضة الواحدة على عشرين بيتا من الذهب لا يحتاج إلى التقييد.
(وعنهم (عليهم السلام): «ما تقرب العبد إلى الله تعالى بشيء بعد المعرفة») بالله تعالى ورسوله وما به يتحقق الإيمان ( «أفضل من الصلاة»).
وهذا معنى الحديث المروي، ولفظه ما رواه الكليني في الصحيح عن معاوية بن وهب، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن أفضل ما يتقرب به العباد إلى ربهم وأحب ذلك إلى الله عز وجل ما هو؟ فقال: «ما أعلم شيئا بعد المعرفة أفضل من هذه
पृष्ठ 29