وليكثر من الأذكار ، بالعشي والإبكار ، وليراقب الواحد القهار ، مع قراءة سيرة الأخيار، ومصاحبة الأبرار ، والزهد في هذه الدار ، وليعتقد في نفسه التقصير ويعترف ، ويخشى مما اقترف ، ويبكي على ما سلف ، وعلى ما كان عليه السلف يقف ، وليسلم من الهلاك والتلف ، وليتقيد بما شرع ، وليحذر البدع ، فإن النفس أمارة ، والنفس غرارة ، وليجود العبارة ، ويحسن الإشارة ، وليوقر الكبير ، ويرحم الصغير ، ويعطف على الفقير . وليأت المنابر بعزم وثاب ، وقلب غير هياب ، وأسلوب جذاب ، وليعد العدة قبل أن يلقي الخطاب ، وليتذكر حديث : (( لئن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم )) ، فإن هذا من أجل النعم ، وليحمد ربه وليشكر ، حيث جعله يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، وليعلم أن معلم الخير ، وناصح الغير ، يستغفر له الطير ، والحوت في الغدير . فطوبى لمن كان للرسول خليفة ، وما أجلها من وظيفة ، فهي المنزلة الشريفة ، والدرجة المنيفة ، فهذا عمل الأنبياء ، وشغل العلماء ، وقربة الأولياء ، فهنيئا له الأجر ، ورفعة الذكر ، وجلال القدر ، وصلاح الأمر .
فسبحان من اصطفى من عباده دعاة إلى الجنة ، أعلاما للسنة ، له عليهم أجل نعمة ، وأعظم منة .
المقامات الوعظية
{ أفمن هذا الحديث تعجبون (59) وتضحكون ولا تبكون (60) وأنتم سامدون }
أما والله لو علم الأنام
حياة ثم موت ثم نشر
لما خلقوا لما غفلوا وناموا
पृष्ठ 78