81

मकामात

مقامات القرني

शैलियों

هي الدار صارت للمحبين مضجعا ثم رحلنا إلى جدة ، ولنا عنها مدة ، فلما وصلناها ذهب كل عناء وشدة ، وقد أخذنا من الحب عدة ، وحملنا في القلوب مودة . فلقينا بها شبابا كالسحاب ، برؤيتهم تم الأنس وطاب ، وذهب الهم والأوصاب ، أخلاقهم أرق من النسيم ، وعشرتهم أجمل من الدر النظيم .

هم القوم إن قالوا أصابوا وإن دعوا

أجابوا وإن أعطوا أطابوا وأجزلوا

بهاليل في الإسلام سادوا ولم يكن

لأولهم في الجاهلية أول

ثم جاءتنا برقية ، فسافرنا إلى الشرقية ، وما أبقى لنا الشوق بقية ،فقابلونا بالحفاوة والإكرام ، والحب والاحترام ، ووجدنا رقة الحضارة ، والبشاشة والنضارة ، فعجزنا عن الشكر ، وهام بنا إليهم الذكر ، وما نسيهم الفكر :

لله تلك الدار أي محلة

للجود والافضال والتكريم

هم كالشموس مهابة وجلالة

أخلاقهم في الحسن كالتسنيم

ثم قلت لصاحبي مالك في الجدال خصيم ، تقول القيصومة ، وأنا أقول القصيم ، فلما وصلنا تلك الديار، وعانقنا الأخيار ، وجدنا أهل الديانة ، والأمانة ، والصيانة . عفاف في طهر ، كأنهم نجوم زهر ، أشاد بمكارمهم الدهر .

قل للرياح إذا هبت غواديها

واكتب على أرضهم بالحب ملحمة

حي القصيم وعانق كل من فيها

أرض الديانة قاصيها ودانيها

ثم دخلنا حائل ، والقلب إليها مائل ، فلقينا أبناء المكارم ، وعانقنا أحفاد حاتم ، فرجح حبهم في الميزان ، وحدثناهم في جامع برزان ، واعتذرت من إبطائي ، ثم ألقيت قصيدة نادي الطائي :

لا عيب فيهم سوى أن المقيم بهم

يسلو عن الأهل بل كل الأحباء

في حائل قد بنى الإكرام منزله

أبوهموا في المعالي حاتم الطائي

ولما هبطنا الباحة ، وجدنا الأنس والراحة ، وقد عانق القلب أفراحه ، ونسي أتراحه ، فغمد حسام الإسلام غامد ، كم بها من عابد ، وزاهد ، وساجد .

पृष्ठ 76