أشرقت أمامي المسالك ، كلما قرأت موطأ مالك ، سقيم الإرادة العلمية له علاج ، عند مسلم بن الحجاج ، أدمغ كل منحرف بذي ، بسنن الترمذي ، أنا في صباحي ومسائي ، أدعو للنسائي .
هاجر المحدثون إلى الله لطلب كلام رسوله الأمين ، فوجدوا في أول الطريق ثواب نية الصادقين ، ووجدوا في وسطه نضرة البهاء التي دعا بها سيد المرسلين ، ووجدوا في آخر الطريق جنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين .
كل صاحب فن ، ينسب إلى صاحب ذاك الفن ، إلا المحدثون فإنهم ينسبون ، إلى من أتى بالسنن ، وأهدى لنا المتن ، وتنعمت بعلومه الفطن .
ما أروع الهمم الكبار لثلة
معروفة بالبر والإحسان
يتصيدون كلام أكرم مرسل
ينفون عنه سبيكة البهتان
سافر أحمد بن حنبل من بغداد إلى صنعاء ، يمتطي الرمضاء ، ويركب الظلماء ، يترك الأهل ، يدفعه الجبل إلى السهل ، تشيعه الدموع ، يرافقه الجوع . لأن الرجل مشتاق، وأحد العشاق ، لذاك الترياق ، من قوارير عبد الرزاق .
دخل مكحول القرى والبوادي ، وطاف على النوادي ، وعبر كل وادي ، يطلب حديث النبي الهادي ، فصار ريحانة الشام ، وشيخ الإسلام .
ومشى أبو حاتم ، ألف فرسخ على الأقدام ، لطلب حديث سيد الأنام ، فأصبح بذلك أحد الأعلام .
تهون خطانا للمحب فلو مشى
إليكم فؤادي كان أبرد للشوق
المحدثون هم عسكر الرسالة ، وجنود البسالة ، ظهروا على البدع بكتائب حدثنا ، وسحقوا الملاحدة بجيوش أخبرنا .
لولا كتابة الحديث في الدفاتر ، وحمل المحدثين للمحابر ، لخطب الدجال على المنابر
الله كم من أنف لمبتدع أرغم بصحيح البخاري ، وكم من صدر لمخالف ضاق بفتح الباري .
الحديث كسفينة نوح فيها من كل زوجين اثنين : رواية ودراية ، بداية ونهاية ، متون وأسانيد ، صحاح ومسانيد ، تراجم ومعاجم .
من ركب هذه السفينة نجا من غرق الضلالة ، وسلم من بحر الجهالة ، ووصل شاطئ الرسالة .
पृष्ठ 29