118

मकामात

مقامات القرني

शैलियों

لما تولى بنو أمية الخلافة قالوا : سوف تبقى لنا دواما ، فما أكملوا ثمانين عاما . فلما تولى بنو العباس قالوا : سوف نحكم الأرض بالأثر والنظر ، حتى خروج المهدي المنتظر، فلم يبق الله لهم في الأرض مكانا ، كأنهم خبر كان .

من قرأ التاريخ هيجه على البكاء ، والاتساء ، والاقتداء . كم في التاريخ من زفرة ؟ وحسرة وعثرة ؟ لقد كان في قصصهم عبرة .

المقامة السلطانية

{ الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة }

جانب السلطان واحذر بطشه

لا تمازح أسدا في غابة

لا تعاند من إذا قال فعل

وترفق عند أرباب الدول

قال علي بن عمران : اعلموا أن السلطان ، ظل الله في الأوطان ،بهيبته تحفظ البلاد وتسعد العباد ، وبعدله تأمن الآفاق ، وتقام الأسواق ، وبسيفه تنصر الملة ، وترفع الذلة .

أما الظلوم الغشوم ، فمجده مهدوم ، وسيفه مثلوم ، وجنده مهزوم . اسمعوا ابن خلدون ، لعلكم تعتبرون . إن السلطان إذا عدل ، شفيت بعدله العلل ، وزال الخلل ، وذهب الزلل ، ونصر الله دولته بين الدول . أما إذا السلطان جار ، ألزمه الله الصغار ، وألبسه العار ، وسلط عليه الدمار ، وجعل مصيره النار .

قلنا يا ابن عمران : وكيف يكون العلماء مع السلطان ؟

قال : لا تقابل السلطان بالقوة ، فيلقيك في هوة ، وكما قالت العرب في الكتب : لا تمازح الأسد ، فإنه أبو لبد . فالعالم لا يخالط السلطان حتى كأنه حاجب ، أو كاتب ، أو حاسب ، لأن الصاحب ساحب ، بل ينصحه من بعيد ، ويزوره كل عيد ،ويدعو له بالتسديد . ولا ينصحه أمام العوام ، لأنهم هوام ، أصحاب طوام ، بل يداريه ولا يماريه، وينكر عليه ولا يجاريه . ويكلمه كلاما بينا ، ويقول له : قولا لينا .

قلنا : فإن أعطاه السلطان مالا ، وقال يأخذه حلالا ، ويصلح به حالا .

पृष्ठ 18