284

============================================================

ولا خلاف أن الروحاني أبسط من الجسماني، والجسماني اكتف من الروحاني، وذو الكثافة أبين تركيبا من البسائط. وما كان بساطتسه1 أظهر كان أسبق ما كثافته أبين. ألا ترى أن الأمهات أبسط من المواليد، والمواليد أكثف من الأمهات وأظهر تركيبا؟ ولا يمكن أن تكون المواليد قبل الأمهات، بل الأمهات قبلها، وهي، أعي المواليد مركبة منها. كذلك الروحاني أبسط من الجسماني، والجسماني مركب من الروحاي. [235] وما كان تركيبه من شيء، كان الشيء الذي ركب منه أقدم، والشيء الذي تركب منها بعد. فقد صح أن الروحاني قبل الجسماني. فاعرفه.

وحقيق أن يكون من أمر المبدع، ذي الجود والجلال والكبرياء، أولا جواهر روحانية، تكون محلا للتأييس2 والثبات، ومعدثا للدوام والبقاء. وتكون مستغنية عن الحدود والصفات والإشارات والأمكنة والأوقات، لينفعل من أمره الذي لا أيسية فيه، ولا إنية. ثم تكون هذه الجواهر المؤيسة المبتدعسة عللا وأسبابا لظهور الجواهر الجسمانية، ذوات الحدود والصفات، والمنحصرة في الأمكنة والأوقات والإشارات، ولينبعث من قواها فيما هو معلولها من الجسمانية، مما به قوامها وزينتها وبهجتها إلى أن تبلغ الجواهر الجسمانية من الصفوة والشرف، [و] يتزين الجواهر الروحانية إياها أن تصير محلا لحلولسها فيها واتحادها، وقوامها فيما هي معلولها من الجسمانية ما به قوامها. فيصلح من حلت فيه الجواهر الروحانية لعبادة الخالسق. فقد صح أن الروحاني قبل الجسماني. فاعرفه.

وإن جساز أن يكون الجسماني قبل الروحاني، فلا بد من أن تكون الجواهر الجسمانية مزينة بزينتها، محلاة بحليتها، أو غير مزينة ولا محلاة فإن كانت مزينة محلاة كان تصوير زينتها وحليتها موجودة فيما هو سابق عليها. وما يكون محلا [236] لتصوير الزين والحلى هو الجوهر البسيط الروحاني، لا الكثيف 1 ز: بسائطه.

6 في النسختين: جواهرا * كما صححناه، وفي النسختين: للتايس.

पृष्ठ 284