وإن كان بين الخطتين مزية
فأنت إلى الأدنى من الله أجنح
وقلت: سيجزيني المليك بفعلتي
فقال: سأعفو عنك حالا وأصفح
فلما سمع منه ما أبداه، قربه من سدته وأدناه، وتزحزح له عن مكانه، وأجلسه على السرير في أمانه، وقال له وقد ضمه إلى صدره، وقبله في عارضيه ونحره: أي ذنب وقع منك؟ وأية جناية صدرت عنك حتى تأتي بهذا الاعتذار يا صاحب الجاه والاعتبار؟ أما أنت يا رب المقام الجليل، لغلامك المخلص نعم الخليل، معاذ الله أن يكون هناك ما يوجب العقوبة، ويدعو إلى لوم فيه أدنى صعوبة، فقال الخليع وقد اتسع صدره وانشرح، وكاد يطير من شدة السرور والفرح: تالله يا كريم الخلال، ويا شريف الخصال، إنك أولى بالملك من غيرك؛ حيث فاضت على الأنام بحار خيرك، وهل يكون في ذلك نزاع أو جدال، وإنك قد احتويت على جميع مناقب الكمال؟!
فيك ما شئت من بديع صفات
حار في حصر بعضهن الأديب
فيك حلم ورأفة وسخاء
وسداد به يسود الأريب
ولأنت عند كل إنسان، أعز من أهله والإخوان، أما أنا على الخصوص، فعندي من الأدلة والنصوص، ما به يثبت أنك أوحد الملوك والأقيال، وأسعد من تضرب بعدله الأمثال؛ لأني جنيت فعفوت، وأسأت فأحسنت وما جفوت، فجوزيت بما أنت أهله من علو المكانة، وجوزي سواك على سوء فعله بالإهانة.
अज्ञात पृष्ठ