فعلام هذا العريض الطويل
إن لله في العباد مرادا
وسوى ما أراده مستحيل
نحن مستعملون فيما خلقنا
ما لنا في نفوسنا ما نقول
فتوغلا في المدن والقرى والضياع، واشتغلا بما فيه صلاح حالهما وخافا على وقتهما الضياع، وكانا تارة يقطعان الحجر، وتارة يقلعان الشجر، وطورا يحرثان الأرض بالأثوار، ويبذران الحبوب فيها بمقدار، وطالما مرت عليهما سنوات وشهور، في رعي الإبل والبقر بالأجور، واهتما بمباشرة ما يقربهما من الغنى، ولو كان فيه ما فيه من العنا، حتى تبسم لهما الدهر العبوس، وامتلأت أيديهما من الفلوس، وتذاكرا في العودة إلى الديار، فاستصوبا الرجوع إليها بما لهما من اليسار، وأول مسألة خطرت لهما بالبال، وهيجت منهما البلبال، هي مسألة الزواج التي لا تهجس بالخاطر إلا عند الرواج، وقال أحدهما لأخيه من أمه وأبيه: الآن نبلغ الأمل، ونصفع قفا من لام أو عذل، فاستعد بنا للرحيل، واصفح الصفح الجميل، وكان الليل بظلامه قد أقبل، والنهار بضيائه تحول، واحتاجا للراحة فأخذ كل منهما مضجعه، بعد أن ملأ بحديث الأمان مسمعه.
يا راقد الليل مسرورا بأوله
إن الحوادث قد يطرقن أسحارا
فلا وأبيك ما مضى من الليل إلا هجعة قليلة، وبرهة من الزمن غير طويلة، حتى وقعت ضجة، عقب هذا ورجة، وصاحت صائحة في أثر غادية ورائحة، واشتعلت النار في جميع جهات الدار، واحترق من السكان، من كان غير يقظان، وفي هذه الكرة، عدم الإخوان الصرة، وما سلما من اللهب، ولا تخلصا من العطب، إلا بعد تجشم أخطار لم تكن في الحساب، وخوض أهوال دونها ضرب الرقاب، ووثوب فيما بين أماكن محترقة، بغاية العسر من كل طبقة إلى طبقة، وتجردا عن لباس ونعال، وحمير وأفراس وبغال.
أحسنت ظنك بالأيام إذ حسنت
अज्ञात पृष्ठ