ومن اجترى من الخوارج، فحكم فيهم بحكم أهل ملة من الملل إما الكفار، وإما اليهود، والنصارى، والمجوس، والصابين، وعبدة الأوثان، والمرتدين عن الإسلام، فقد خالف بحكمه حكم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؛ لأن هذا لم يكن حكمه في أصحاب الحدود وأهل الكبائر من أمته وأهل دعوته، وإنما كانوا ممن يقام عليه الحدود ويسمون بالأسماء القبيحة من الفسق والفجور، والظلم والعدوان، ولا تقبل شهادتهم، ولا يزكوا حتى يتوبوا ويرجعوا. ولم يكونوا يسمون بأسماء الكفر والشرك ولا النفاق، ولا يحرم نكاحهم ولا موارثتهم وأكل ذبايحهم، ولا يفرق بينهم وبين نسائهم، ولا توخذ منهم الجزية. فبهذه الآيات ونحوها التي تلونا، والأحكام التي وصفنا، والوعيد الذي ذكرنا علمنا أن أصحاب الكبائر ليسوا بكفار ولا مشركين ولا منافقين، وأنهم ليسوا بأبرار، ولا فضلاء، ولا أخيار، ولا أزكياء، ولا أطهار، ولا عدلا، ومن كان هكذا لم يطلق له اسم الإيمان، ولا الإسلام ولا اسم الهدى والتقوى والإحسان، لأنه قد غلب عليهم اسم الفسق والفجور والظلم والعدوان والضلال، فكانوا أهل منزلة بين منزلتين وهي منزلة الفساق والفجار التي بين منزلة المؤمنين والكافرين في هذه الدنيا، وفي هذا تكذيب أهل البدع من الخوارج والمرجية، فنحمد الله ربنا على الإحسان إلينا.
पृष्ठ 241