فبهذه الآيات علمنا أن فسقة قومنا من أهل الكبائر ليسوا بكفار، وإنما هم فساق ظلمة معتدون، ومن تاب من ذنبه توبة نصوحا قبل الله توبته، وأسكنه جنته، ومن مات مصرا غير تائب ولا نادم، وأخر التوبة إلى أن يحضره الموت، لم يقبل الله منه عند ذلك التوبة، وأصلاه الجحيم. وذلك أن الله سبحانه أمر بقتال الكفار وجهادهم، وضرب رقابهم، إلا أهل الجزية، وحرم مناكحتهم، ولم يأمر بقتال أهل الكبائر ولا بجهادهم، إلا من بغي منهم على المسلمين، وجرد سيفه عليهم، أو حارب الله ورسوله، وإلا فإنما عليهم الحدود وما دون ذلك من الآداب ونحوها، وأباح للمؤمنين مناكحتهم، واتباع جنايزهم والصلاة عليهم، ويدعو فيها للمؤمنين والمؤمنات عامة، وأن يدفنوا في مقابر المسلمين، ولا يفعل شيء من ذلك للكفار. وفي هذا تكذيب الخوارج الذين يحكمون في فساق الموحدين بحكم الكفار، فيسبون ذراريهم، ويغنمون أموالهم بالجهل منهم والتعسف في دين الله، فنعوذ بالله من الضلالة بعد الهدى.
पृष्ठ 237