21
فظواهر المغناطيسية مثلا يفسرها ديكارت بحركة مسامير حلزونية لا متناهية الصغر تدخل في مسام أجسام معينة (المغناطيسي الطبيعي، والصلب) فتوجهها أو تنقلها من موضعها؛ أي أن تفسير الظاهرة هو وصف للأنموذج الآلي الذي تمثله تفاصيل تركيبها الداخلي. (2) فيزيقا القوى المركزية (2) ومنذ أن انتصر نيوتن، وطوال القرن الثامن عشر، لم تعد الأمور تفسر على النحو السابق ، بل استبدل بالتفسير القديم مذهب «القوى المركزية»، والمقصود بهذا التعبير، قوى الجذب والتنافر الموجهة نحو فقط (مراكز )، أو الخارجة من نقط، تمثلها موجهات
Vecteurs ، وهي المستقيمات المعروفة التي تتخذ صورة السهام. فتفسير ظاهرة (كالثقل وحركة النجوم، والجذب المغناطيسي أو الكهربي وتغير سطح السائل في أنبوبة الاختبار، ومثل العناصر إلى الاتحاد في الكيمياء) إنما هو رسم الموجه، الذي يحدد قانونه خصائصه الرياضية. ونستطيع القول بأن ميتافيزيقا الطبيعة عند «كانت» هي الصورة الواعية والمنظمة لهذه الفكرة. كما تتمثل حتمية الموجهات هذه في الصيغة المشهورة التي عبر بها لابلاس عنها (1794-1827م): «لو استطاع عقل ما أن يعلم في لحظة معينة جميع القوى التي تحرك الطبيعة، وموقع كل كائن من الكائنات التي تتكون منها، ولو كان ذلك العقل من السعة بحيث يستطيع إخضاع هذه المعطيات للتحليل، لاستطاع أن يعبر بصيغة واحدة عن حركة أكبر أجسام الكون وعن حركات أخف الذرات وزنا، ولكان علمه بكل شيء علما أكيدا، ولأصبح المستقبل والماضي ماثلين أمام ناظريه كالحاضر تماما.» (3) فيزيقا المجالات (3) في القرن التاسع عشر، أدت دراسات كولومب
Coulomb (1736-1809م) وأمبير
Ampére (1775-1836م) وفارادي
Faraday (1791-1867م) في الكهرباء والمغناطيسية، ونظريات ماكسويل
Maxwell (1831-1879م) في الضوء (الذي هو في رأيه ظاهرة كهربائية مغناطيسية في أساسها)؛ إلى ظهور فكرة جديدة عن الحتمية: هي حتمية المجال. والمقصود بالمجال نطاق معين من المكان يتحكم كل جزء من أجزائه في الآخر تحكما «متبادلا»، طبقا للتركيب الخاص للمجموع؛ فالحتمية هنا لم تعد تتصور خلال التعاقب الزمني بل خلال التزامن
simultanéité ، أي أن السابق ليس هو الذي يتحكم في اللاحق، وإنما المجموع هو الذي يتحكم في الجزء. (4) الروح العلمية الجديدة (4) وأخيرا، ومنذ السنوات الأولى في القرن العشرين، ظهرت «روح علمية جديدة» - على حد تعبير باشلار
Bachelard - من مختلف النظريات العامية. وسنرجئ مهمة وصف هذه الروح الجديدة،
22
अज्ञात पृष्ठ