مصلحة أمريكا تكمن في الانفصال عن بريطانيا.
ثانيا:
أي الخطتين هي الأسهل والأكثر عملية: «المصالحة أم الاستقلال»؟ مع بعض التعليقات المتفرقة.
لدعم الملاحظة الأولى كان يمكنني - في حال رأيت ذلك مناسبا - أن أعرض رأي بعض أكثر الرجال حنكة ومقدرة وخبرة وبراعة في هذه القارة؛ الذين لم يفصحوا علانية بعد عن آرائهم في هذا الشأن. إنه وضع بديهي في واقع الأمر؛ إذ لا توجد أمة تعيش حالة من التبعية لجهة أجنبية، مقيدة في تجارتها، وذات سلطات تشريعية مقلصة ومغلولة إلى عنقها، يمكنها في يوم من الأيام أن تصل إلى أي وضع بارز بين الأمم. فأمريكا لا تعرف بعد ما هي الثروة؛ ومع أن التقدم الذي أحرزته لا نظير له في تاريخ أمم أخرى، فإنه تقدم لم يتجاوز بعد مرحلة الطفولة مقارنة بما كان يمكنها تحقيقه لو أنها امتلكت السلطات التشريعية بين أيديها، وكما ينبغي لها. فإنجلترا في زمننا هذا تشتهي بتباه ما لن يجديها نفعا لو أنها تمكنت من تحقيقه؛ وهذه القارة تتردد بشأن أمر سيكون فيه دمارها النهائي لو أهملته. إن التجارة وليس غزو أمريكا هي ما يمكن أن تنتفع به إنجلترا، وهي ما يمكن أن يستمر بقدر كبير لو كان البلدان مستقلين أحدهما عن الآخر، كفرنسا وإسبانيا مثلا؛ لأن أيهما لا يستطيع التوجه إلى سوق أفضل من أجل الحصول على العديد من السلع. ولكن استقلال هذا البلد عن بريطانيا أو عن أي بلد آخر هو الهدف الوحيد الجدير بأن نناضل من أجله الآن، وهو الهدف الذي سيصبح أكثر وضوحا وأكثر قوة مع كل يوم يمر، شأنه في ذلك شأن كل الحقائق التي تكشف عنها الضرورة.
أولا:
لأن الأمر سينتهي إلى ذلك عاجلا أو آجلا.
ثانيا:
لأنه كلما طال تأخيره أصبح تحقيقه أكثر صعوبة.
كثيرا ما كنت أتسلى وسط جماعات عامة أو خاصة بالتعليق الصامت على الأخطاء الخادعة الماكرة لأولئك الذين يتحدثون دون تدبر فيما يقولون. ومن بين الأقوال العديدة التي سمعتها، يبدو لي أن القول التالي هو الأكثر انتشارا بين الناس، وهو أنه لو حدث هذا الانفصال بعد أربعين أو خمسين عاما، بدلا من أن يحدث «الآن»، لصارت القارة آنذاك أكثر قدرة على التخلص من تبعيتها ونيل استقلالها. وأرد على هذا بالقول إن قدراتنا العسكرية، «في وقتنا هذا»، نابعة من الخبرة التي اكتسبناها خلال الحرب الأخيرة، وسوف تتلاشى كليا بعد أربعين أو خمسين عاما من الآن. فالقارة في ذلك الوقت، لن يتبقى لها جنرال أو حتى ضابط عسكري واحد؛ وسنكون نحن، أو أولئك الذين سيأتون من بعدنا، جاهلين بالشئون العسكرية كالهنود القدماء. وهذا الوضع وحده - إذا أوليناه عنايتنا - سوف يثبت دون أدنى شك أن الوقت الحالي هو أفضل الأوقات جميعا. وهكذا تصبح الحجة كالتالي: مع نهاية الحرب الأخيرة، صرنا نمتلك الخبرة، ولكننا نفتقر إلى الأعداد الكافية؛ وبعد أربعين أو خمسين عاما من الآن، سوف نمتلك الأعداد، لكن دون خبرة؛ لذا فإن النقطة الزمنية المناسبة لا بد أن تقع في لحظة معينة بين هذين الطرفين، إذ عندها يتبقى لنا ما يكفي من الخبرة وتتحقق لنا زيادة مناسبة في الأعداد: وتلك النقطة الزمنية هي الوقت الحاضر.
أرجو أن يغفر لي القارئ هذا الاستطراد، إذ إنه لا يندرج على نحو ملائم تحت النقطة التي بدأت بها، والتي أعود إليها مجددا من خلال الرأي التالي:
अज्ञात पृष्ठ