لأنها صورة باعتبار وجودها للمادة ، والكمال يقتضي نسبة إلى الشيء التام الذي عنه يصدر (1) الأفاعيل ، لأنه كمال بحسب اعتباره للنوع.
فتبين (2) من هذا أنا إذا قلنا في تعريف النفس : إنه (3) كمال ، كان أدل على معناها ، وكان أيضا يتضمن جميع أنواع النفس من جميع وجوهها ، ولا تشذ النفس المفارقة للمادة عنه.
وأيضا إذا قلنا : إن النفس كمال ، فهو أولى من أن نقول : قوة ، وذلك لأن الامور الصادرة عن النفس منها من (4) باب الحركة ، ومنها من (5) باب الاحساس والادراك ، بالحري (6) أن يكون لها لا بما لها قوة هي مبدأ فعل ، بل مبدأ قبول (7)، بل مبدأ فعل ، وليس أن ينسب إليها أحد الأمرين بأنها قوة (8) أولى من الآخر.
فإن قيل لها : قوة وعني به الأمران جميعا ، كان ذلك باشتراك الاسم. وإن قيل : قوة ، واقتصر على أحد الوجهين ، عرض من ذلك ما قلنا. وشيء آخر ، وهو أنه لا يتضمن الدلالة على ذات النفس من حيث هي نفس مطلقا ، بل من جهة دون جهة. وقد بينا فى الكتب المنطقية أن ذلك غير جيد ولا صواب.
ثم إذا قلنا : كمال ، اشتمل على معنيين (9)، فإن النفس من جهة القوة التي يستكمل بها إدراك الحيوان كمال ، ومن جهة القوة التي تصدر عنها أفاعيل الحيوان أيضا كمال ، والنفس المفارقة كمال ، والنفس التي لا تفارق كمال ، لكنا إذا قلنا : كمال ، لم يعلم من ذلك بعد أنها جوهر أو ليست بجوهر ، فإن معنى الكمال هو الشيء الذي بوجوده يصير الحيوان بالفعل حيوانا ، والنبات بالفعل نباتا ، وهذا لا يفهم عنه بعد أن ذلك (10) جوهر أو ليس بجوهر.
لكنا (11) نقول : إنه لا شك لنا في أن هذا الشيء ليس بجوهر (12) بالمعنى الذي يكون به الموضوع جوهرا ولا أيضا بالمعنى الذي يكون به المركب جوهرا. فأما جوهر بمعنى الصورة فلننظر فيه. فإن قال قائل : إني أقول للنفس : جوهر (13) وأعني به الصورة ، ولست
पृष्ठ 11