التمهيد أنه قد تقدم أنه لا يجوز الانقلاب بين هذه المفهومات الثلاثة ، بأن يكون شيء واجبا في زمان ، ثم يصير ممكنا أو ممتنعا في زمان آخر أو بالعكس ، لأن مقتضى ذات الشيء لا يختلف ولا يتخلف بحسب الأزمنة ، حيث نفى كون الزمان بمجرده سببا لاختلاف الحال في ذلك وكأن المحقق الدواني في إيراده على الشارح نظر إلى ظاهر كلامه في الجواب ، حيث لم يصرح بكون منشأ الاختلاف هو القيد ، بل أجمل بحيث كونه هو الزمان ، ولم ينظر إلى ما ذكره في التمهيد.
ومن هذا يظهر أن المحقق الدواني وقف على ظاهر لفظ الشارح في الجواب وذهل عما ذكره في التمهيد له ولم يأت بشيء ويظهر انعكاس التشنيع ، فتدبر.
ثم إن قول المحقق الدواني : إلا أنه تسامح في قوله : لأن الأشياء المتوافقة في الماهية إلى قوله : ولو جوزنا ، وكان حق العبارة أن يقول : لأن الأشياء المتوافقة في الماهية يجب اشتراكها في اقتضاء الذات الواحدة ، إياها.
ذكر المحشي الشيرازي أنه دفع للإيراد الثاني للشارح على الوجه الأول لإبطال السند بتغيير العبارة وعنى بالإيراد الثاني للشارح ، قوله : وكذا قوله : الوجود أمر واحد إلى قوله ولو جوزنا لأن حاصله أن الوجود المعاد إذا اقتضى لذاته أمرا إلى آخره وهو وإن لم يبين صريحا أن مفاد هذا الإيراد ما ذا؟ وأن مبنى دفعه على ما ذا؟ لكنه يفهم من بعض أقواله بعد ذلك كما سنشير إليه في شرح كلامه أن مفاد إيراد الشارح أن ما ذكره القائل ، ليس في مقابلة كلام المانع ، ولا يضره ، لأن حاصل ما ذكره القائل أن الوجود المعاد إذا اقتضى لذاته أمرا ، يجب أن يقتضي الوجود المبتدأ أيضا لذاته لذلك الأمر بعينه ، لأنهما متحدان ذاتا وحقيقة ، وإنما اختلافهما بحسب أمر خارج ، وهذا لا يضر المانع ، لأنه لم يقل بخلافه ، ولم يلزم أيضا من كلامه خلافه ، بل اللازم من كلامه أن الوجودين المبتدأ والمعاد متغايران بحسب الإضافة إلى أمر خارج ، فيجوز أن يقتضي ماهيته المعدوم لذاته عدم الاتصاف بأحدهما ، يعنى الوجود المعاد ، ولا يقتضي عدم الاتصاف بالآخر يعني المبتدأ.
والمحصل أن المانع جوز اختلاف اقتضاء ماهية المعدوم بالنسبة إلى الوجودين ، ولم يجوز اختلاف اقتضاء الوجودين ، ولا ينافي ما ذكره المانع أن لا يجوز اختلاف اقتضاء الوجودين أي أن لا يجوز أن يقتضي أحد الوجودين لذاته أمرا ولا يقتضيه الوجود
पृष्ठ 348