إعادة المعدوم لصح الحكم بصحة العود هكذا :
«لقائل أن يقول : لو تم هذا لزم أن لا يوجد المعدوم أصلا ، فيلزم انتفاء الحوادث ، بأن يقال : لو صح إيجاد المعدوم لصح الحكم عليه بصحة الإيجاد إلى آخر ما ذكر وهذا النقص أظهر مما ذكره الشارح انتهى.» (1)
وقد عرفت أن وروده إنما هو على التقرير الذي ذكره الشارح المذكور ، دون التقرير الذي وجهنا به كلام الشيخ ، ويجري في كلام المحقق الطوسي أيضا.
وأما عدم ورود إيراده الثالث ، فلأنه من المستبين عند العقل السليم ، أنه إذا جاز عود المعدوم ووقع ذلك أيضا بتأثير الفاعل في الواقع كما هو المفروض ، لصح عند العقل الحكم عليه بصحة العود حكما واقعيا ، ووجب أن يتصوره متصور ويحكم عليه بذلك ، وإذا لم يصح ذلك فيعلم منه أنه كان ممتنعا ، فتسليم صحة العود ، وعدم تسليم الحكم بذلك عليه كأنه سفسطة.
ثم نقول : إن المراد أن المعدوم ليس له هوية ثابتة في الخارج ، أو في الواقع ، والقول بثبوت المعدوم في الخارج كما هو عند المعتزلة قول باطل كما حقق في محله ، والإشارة العقلية مطلقا وإن كانت لا تتوقف على الهوية الخارجية ، بل على الهوية الذهنية كما في الأحكام السلبية ، لكن الإشارة العقلية في الأحكام الإيجابية الواقعية الخارجية الصادقة كما هو المفروض عند القائل بإعادة المعدوم في قوله : المعدوم يعاد ، تتوقف على الهوية الخارجية لاقتضاء هذه الأحكام وجود الموضوع في الواقع وفي الخارج حين ثبوت المحمول الواقعي له كما مر بيانه.
ولا يخفى أن ليس للمعدوم في الخارج تلك الهوية الخارجية في زمان كونه معدوما وحين إثبات العود له.
وأما ثبوت تلك الهوية له في زمان كونه موجودا ، فإن اريد به زمان وجوده الابتدائي كما هو ظاهر كلامه ، فذلك غير كاف في ذلك ، لأن المفروض انعدام تلك الهوية الخارجية الحاصلة في زمان وجوده الابتدائي ، فكيف يكون ثبوت الموضوع الذي اقتضاه قولنا : «المعدوم يعاد» منوطا بذلك الوجود الذي عدم ولم يبق حين الحكم ولا حين ثبوت
पृष्ठ 271