خطبة الكتاب
...
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي فرض علينا تعلم شرائع الإسلام، ومعرفة صحيح المعاملة وفاسدها
ــ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين حمدًا يوافي نعمه ويكافئ مزيده، يا ربنا لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله ﷺ وعلى آله وأصحابه الذين خصصتهم بمعرفتك وأيدتهم ببرهانك.
وبعد؛ فقد سألني بعض الصلحاء أن أضع شرحًا لطيفًا على مقدمة الإمام المحقق الفقيه عبد الله بن عبد الرحمن بافضل الحضرمي نفعنا الله بعلومه وبركته فأجبته إلى ذلك ملتمسًا منه ومن غيره أن يمدني بدعواته الصالحة، وسائلًا من فضل مولانا أن يعم النفع به، وأن يبلغني كل مأمول بسببه، وأن يجعله خالصًا لوجهه الكريم، وأقوى سبب للفوز بشهوده في جنات النعيم آمين.
قال المؤلف ﵀: "بسم الله" أي أبتدئ أو أفتتح أو أؤلف متلبسًا أو مستعينًا أو متبركًا باسم الله إذ لا اعتداد بما لم يصدر باسمه تعالى، والاسم مشتق من السمو وهو العلو، والله علم على الذات الواجب الوجود لذاته المستحق لجميع الكمالات وهو عربي مشتق من "أَلِهَ" إذا تحير لتحير الخلق في كنه ذاته تعالى وتقدس وهو الاسم الأعظم وعدم الاستجابة لأكثر الناس مع الدعاء به لعدم استجماعهم لشرائط الدعاء، ولم يسم به غير الله قط، "الرحمن" هو صفة في الأصل بمعنى كثير الرحمة جدًّا ثم غلب على البالغ في الرحمة والإنعام بحيث لم يسم به غيره تعالى، وتسمية أهل اليمامة مسيلمة١ تعنت في الكفر، "الرحيم" أي ذي الرحمة الكثيرة فالرحمن أبلغ منه، وأتى به إشارة إلى أن ما دل عليه من دقائق الرحمة وإن ذكر بعد ما دل على جلائلها الذي هو المقصود الأعظم مقصود أيضًا لئلا يتوهم أنه غير ملتفت إليه فلا يسأل ولا يعطي، وكلاهما مشتق من الرحمة وهي عطف وميل روحاني غايته الإنعام، فهي لاستحالتها في حقه تعالى مجاز إما عن نفس الإنعام فتكون صفة فعل، أو عن إرادته فتكون صفة ذات، وكذا سائر أسمائه تعالى المستحيل معناها في حقه المراد بها غايتها.
"الحمد" أي كل ثناء بجميل سواء كان من مقابلة نعمة أم لا ثابت ومملوك ومستحق، "لله" وأردف التسمية بالحمد اقتداء بأسلوب الكتاب العزيز وعملا بما صح من قوله ﷺ: "كل
_________
١ سمى أهل اليمامة مسيلمة الكذاب بالرحمان، وكتب "الرحمان" بالألف بعد الميم تمييزًا عن "الرحمن" بالألف الخنجرية فوق الميم؛ وهو من أسماء الله تعالى.
1 / 7