قال ابن حجر: ((والروايات الصحيحة ترده)) قال المحقق الشوكاني: وكون نزولها في المشركين الذين أخذوا لقاح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، لما شكوا عليه وباء المدينة فأمرهم بالخروج إلى حيث كانت إبله، ليشربوا من ألبانها وأبوالها حتى يصحوا، فقتلوا راعيها وساقوها، لا يدل على اختصاص هذا الحد بهم، فإن الاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب كما هو مقرر في الأصول لا يخالف فيه أحد من الأئمة الفحول، على أن هؤلاء الذين كانوا سبب النزول قد كانوا تكلموا بكلمة الإسلام كما في الصحيحين وغيرهما، ومجرد هذا الواقع منهم ليس بردة، ولو سلمنا أنهم صاروا بذلك كفارا مشركين، فقد أنزل الله في كتابه العزيز الأمر بقتل المشركين حيث وجدوا وأين ثقفوا، فكان هذا الحكم العام مغنيا عن إدخالهم في زمرة أهل الإسلام فيما شرعه لهم من الأحكام، فالمشرك سواء حارب أولم يحارب مباح الدم ما دام مشركا، فليس في حمل الآية على المشركين، وتخصيص حدا لمحاربتهم إلا التعطيل لفائدتها والمخالفة لما يقتضيه الحق ويعود إليه الإنصاف.
وقد أقام الحد على المحاربين الصحابة فمن بعدهم إلى هذه الغاية، وأما ما أبداه الجلال من الفوائد والمفاسد لما اختاره من اختصاص حد المحاربة بالمشركين فتلك الفوائد واندفاع المفاسد لا تقوم رقعتها بالخرق، على أنها زائفة داحضة ناشئة عن الوسوسة في زحلفة أحكام الله، وتبديل ما شرعه. انتهى.
पृष्ठ 154