الثاني: لقوله تعالى: {ويسعون في الأرض فسادا} أي مفسدين، واللصوص قطاع الطريق ممن يسعون في الأرض فسادا، وأي فساد مثل إخافة السبيل؟!! وهذا هو معنى محاربة المسلمين.
قال جار الله الزمخشري: ((أو لأن سعيهم في الأرض لما كان على طريق الفساد نزل منزلة: {ويفسدون في الأرض }[الرعد:25] فانتصب فسادا على المعنى، ويجوز أن يكون مفعولا له أي للفساد)) انتهى.
والمراد بالأرض: أرض الطريق.
ومن السنة ما تقدم، وما سيأتي، واختلف العلماء في سبب نزول الآية.
فذهب جمهور السلف فمن بعدهم ونسبه الجلال إلى الأكثر على أنها نزلت فيمن خرج من المسلمين يقطع الطريق ويسعى في الأرض بالفساد، وهو قول مالك والشافعي وأبو ثور، وأصحاب الرأي، قال ابن المنذر: قول مالك صحيح.
واحتجوا: بما رواه الشافعي، وأحمد، والبيهقي، عن ابن عباس أنه فسر الآية بقطاع الطريق، قال: ((إذا قتلوا قتلوا، وإذا أخذوا المال ولم يقتلوا قطعت أيديهم وأرجلهم من خلاف، وإذا أخافوا السبيل ولم يأخذوا مالا نفوا من الأرض)) انتهى.
وقال أبو ثور محتجا لهذا القول: إن قوله تعالى في هذه الآية: {إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم ..}[المائدة:34] يدل على أنها نزلت في غير أهل الشرك، لأنهم قد أجمعوا على أن أهل الشرك إذا وقعوا في أيدينا فأسلموا أن دماءهم تحرم، فدل ذلك على أن الآية نزلت في غير أهل الشرك انتهى.
पृष्ठ 149