मानहज फी फिक्र अरबी मुआसिर
المنهج في الفكر العربي المعاصر: من فوضى التأسيس إلى الانتظام المنهجي
शैलियों
138
وغيرهم ممن اهتم بمشكلة المنهج في الفكر العربي المعاصر ومحاولة تجاوز الكائن منها، مثنى وثلاث ورباع، بل القضية - في رأيي - أعمق وأخطر، تحتاج إلى جهود علمية مؤسساتية تنهض بأهمية الترجمة، والتبيئة من خلال دراسات مستوعبة لحركة المفاهيم الوافدة والمنقولة من فضاءاتها المتعددة ومآلاتها قبل نقلها.
فنقل مفهوم فقد صلاحيته في موطنه الأصلي - الأفكار والمفاهيم الميتة بتعبير مالك بن نبي - ومحاولة إعادة الحياة إليه في فكرنا المعاصر يعتبر إهانة «للعقلانية» العربية الناقلة والقارئة على حد سواء، وإهانة للجهد المبذول وتبديده، أما إذا كان المفهوم ما يزال يحافظ على فعاليته وقدرته على التوجيه فمسطرة المرور والانتقال والاستعمال تحتاج إلى خبراء لتجنب الفوضى في ميدان الفكر، والعلم الذي ينبغي أن يكون أول من ينتظم؛ لأنه الحلقة الأقوى في تاريخ الحضارات، وفي التشكيل والتشكل.
فالانتظام في نسقية هذه المفاهيم وتاريخيتها ووضعيتها الإبستيمولوجية، وفهمها هو الذي «سيؤدي بنا إلى إدراك عملية النقل والترجمة وفهم فهمنا لها حينما نقوم بنقلها، مما سيتولد عن ذلك تأويلات تبحث عن (...) الانسجام لهذه المفاهيم في أوضاعنا الإبستيمولوجية، وأيضا قدرة ذلك الفهم على استنبات تلك المفاهيم المنقولة كلا «أو بعضا».»
139
وما لم ننجز هذا العمل تبق مفاهيمنا مفاهيم مبهمة وملتبسة بعيدة عن الفعل، وتعرض الذات للانسلاخ عن هويتها.
ومشروع محمد عابد الجابري واحد من المشاريع الفكرية التي انفتحت على المفاهيم المعرفية الغربية ومناهجها، واعتمدها في الدراسة كمداخل أساسية في صياغة الرؤية والمنهج، وتحديد المحددات المنهجية، لكن أول ما يلاحظ أن سعي الجابري إلى تبيئة مفاهيم موضوعاته التي استعارها من الفكر العالمي المعاصر - الفرنسي بالدرجة الأولى - لم يأخذ منه كبير عناء ووقت، بل اكتفى بالتأكيد على أهميتها في مجالها الأول والبحث عن علاقتها بمجالها الثاني - العقل العربي - مع إجراء تعديلات طفيفة على المستوى النظري تبقى في نهاية التحليل قاصرة عن الوفاء بالغرض رغم تأكيداته يقول: «(...) ونحن عندما نستعير مفهوم «اللاشعور السياسي» من دوبري لا نأخذه بكل حمولته ولا بنفس مضمونه، بل نتصرف فيه بالقدر الذي يفرضه موضعنا الذي يختلف اختلافا غير قليل عن موضوعه.»
140
فالكم الهائل من المفاهيم المرجعية التي نجدها في مشروعه (البنيوية، الإبستيمولوجية، العقلانية، الجدلية، التفكيكية ...) يطرح صعوبة توحيد هذه المفاهيم في موضوع واحد، مما سيكون له أثر سلبي على مستوى النتائج، فتناقض هذه المرجعيات وتعدد خلفياتها الفلسفية يخلق فوضى على مستوى التحليل، والقدرة على التحكم في مسار البحث.
وهي الملاحظة والمؤاخذة التي سجلها طه عبد الرحمن في مشروعه النقدي على الجابري حين قرر أن «الآليات المنقولة التي توسل بها الجابري لا تشكل نسقا متماسكا؛ وذلك بسبب تضارب اقتضاءاتها المنهجية والمعرفية فيما بينها، ولعدم إيراد المعايير التي بمقتضاها تم له تخير هذه الآليات من مجالات متنافرة؛ مثل: البنيوية والتكوينية والعقلانية والجدلية (...) انعكست آثار اضطرابها وتفرقها التجزيئية على تحليله للثقافة العربية»،
अज्ञात पृष्ठ