मानहज फी फिक्र अरबी मुआसिर
المنهج في الفكر العربي المعاصر: من فوضى التأسيس إلى الانتظام المنهجي
शैलियों
أولها ما أثاره، وما يزال من ردود اختلفت، حسب توجهات أصحابها تحولت بدورها إلى مشاريع فكرية ومدارس نقدية، أخذت على عاتقها مهمة التجديد المنهجي في قراءتها للتراث ولمقدمات المشروع النهضوي العربي المعاصر، وما أحدثه من جدل واسع في الساحة العربية المعاصرة على مستوى الأدوات والمسلكيات المنهجية، ونتيجة دعوته إلى إنجاز نوع من القطيعة الإبستيمولوجية مع تراث الأمة.
أما ثاني الاعتبارات فهو ما صرح به من القدرة على تجاوز القراءات التي تعاملت مع التراث وطرح بدائل منهجية قادرة في رأيه على التفاعل وإنجاز النهضة، والقطيعة مع الفهم التراثي للتراث إلى الفهم الحداثي له بقدر يعيننا على تجاوز المحن والإشكالات المعاصرة، معتمدا في ذلك على مدخلين أساسيين:
المدخل الأول: فهم هذا التراث وأدوات اشتغاله. المدخل الثاني: الاستعانة بمفاهيم الفكر الغربي المعاصر على تعدد مدارسه وتنوعها، ومحاولة تبيئتها وفق معطيات هذا التراث، ووفق شواغل معرفية كما صرح، وأخرى أيديولوجية كما استبطن حينا وصرح في كثير من الأحيان؛ لهذا فإن البحث في منهج الجابري يتطلب قراءة دقيقة لمساره الفكري، والنتائج التي توصل إليها أولا بأول، ولكل ما كتب عنه نقدا أو نقضا، وهذا ما لا يتسع له الوقت. وحسبنا أن نركز في هذا الفصل على أهم ما كتب عنه وأنجز من دراسات نعتبرها استوفت بعضا من الشروط العلمية في الحركة النقدية متجاوزين بعضا من الدراسات التي سلكت مسلك التحامل والتجريح، وبالدرجة الأولى على أهم كتبه التي شكلت مشروعه الفكري انطلاقا من باكورة أعماله: «نحن والتراث» سنة 1980م، «الخطاب العربي المعاصر» 1981م، «نقد العقل العربي» الذي أصدر أولى حلقاته سنة 1984م من خلال كتابه «تكوين العقل العربي»، ثم الجزء الثاني «بنية العقل العربي: دراسة تحليلية نقدية لنظم المعرفة في الثقافة العربية» سنة 1985م، «إشكاليات الفكر العربي المعاصر» 1989م، «العقل السياسي العربي: المحددات والتجليات»1990م، «التراث والحداثة: دراسات ومناقشات» 1991م، ثم «المشروع النهضوي العربي: مراجعة نقدية» 1996م. هذه هي الخريطة الفكرية التي سنعتمد عليها في بحث إشكالية المنهج في المشروع الفكري للجابري. (2) المبحث الثاني: المحددات المنهجية والمرجعية لمشروع الجابري
يعالج هذا المبحث قضايا منهجية دقيقة وقوية على مستوى الرؤية والمنهج التي تبناها الجابري في فحص آليات قراءة التراث، والإشكالات التي أفرزتها في الواقع العربي المعاصر، حين اعتبرها مسئولة إلى حد كبير عن الوعي المزيف اتجاه مرجعية المتن التراثي، في مقابل ذلك سعيه الدءوب إلى تحرير العقل العربي من تلك القراءات السلفية، والدعوة إلى الانتظام المنهجي في تاريخ التراث، من خلال إنجاز قراءة معاصرة، وبأدوات منهجية تتيح فرص التوظيف العلمي، والعقلاني للتراث، والقدرة على التشابك مع منجزات الحداثة ومفاهيمها. (2-1) من فوضى المنهج إلى الانتظام المنهجي
أحدث مشروع الجابري نقلة نوعية في الفكر العربي المعاصر، ليس على مستوى المتن، وإنما على مستوى الثورة المنهجية؛ حيث انتقل هذا الفكر من لحظة تاريخية غلب عليها التكرار إلى لحظة التفاعل الإيجابي والانخراط في عملية نقدية استفزت كثيرا من الاتجاهات الفكرية في العالم العربي، نظرا للطرح الجدي الذي اتسم به المشروع، فالقضاء على هذه الفوضى المنهجية طريق التحديث والانخراط في الحداثة عبر جهاز مفاهيمي جديد قادر على تقريب الوضع الإشكالي القائم داخل قطاعات واسعة من الفكر العربي المعاصر، وبين ثنائياته القديمة-الجديدة، الأصالة والمعاصرة، القديم والحديث، بين صورة الأنا والآخر، «القديم» ينتمي إلى الأنا، و«الجديد» ينتمي إلى الآخر.
24
فكان طموحه هو إزالة الغموض والتوتر الذي ظل يطبع مسيرة هذا الفكر، «ونزع الطابع الإشكالي عنه أو التخفيف منه على الأقل إلى أقصى درجة ممكنة.»
25
ومن هنا سارع الجابري إلى بلورة رؤية معاصرة في القراءة والتنوير؛ تعيد ترتيب العلاقات وتساهم في قراءة التراث العربي؛ قراءة تستجيب لطموحات الحاضر، والدخول في الحداثة والاستفادة من منجزاتها. يقول: «فالحداثة في نظرنا لا تعني رفض التراث ولا القطيعة مع الماضي بقدر ما تعني الارتفاع بطريقة التعامل مع التراث إلى مستوى ما نسميه «المعاصرة»؛ أعني: مواكبة التقدم الحاصل على المستوى العالمي.»
26
अज्ञात पृष्ठ