وقد قسم الفقهاء البلاد إلى ما فتح عنوة وصلحا وما أنشأه المسلمون وسنذكر ذلك ولكن كله لا شيء منه تبقى فيه كنيسة من غير شرط، سواء فتح عنوة أم صلحا وإذا حصل الشك فيما فتح عنوة أو صلحا لم يضر لما نبهنا عليه من أن شرط التبقية الشرط فيهما وإذا حصل الشك في الشرط فهذا موضع عمره في الفقه هل يقال: الأصل عدم الشرط فنهدمها ما لم يثبت شرط إبقائها أو يقال: إنها الآن موجودة فلا نهدمها بالشك، وهذا إذا تحققنا وجودها عند الفتح وشككنا في شرط الإبقاء فقط فإن شككنا في وجودها عند الفتح انضاف شك إلى شك فكان جانب التبقية أضعف ويقع النظر في أنهم هل لهم يد عليها أو نقول إن بلادنا عليها وعلى كنائسها وهل إذا هدمها هادم ولو قلنا بتبقيتها لا يضمن صورة التأليف كما لا يضمن إذا فصل الصليب والمزمار وهل يضمن الحجارة ونحوها رابله التأليف هذا ينبغي فيه تفصيل وهو أنه إذا احتمل أنها أخذت من موات كنقر في حجر في أرض موات فلا ضمان أصلا؛ لأنها لم تدخل في ملك من اتخذها لذلك لهذا القصد كالمسجد الذي يبنى في الموات بغير تشبيه وإن لم يحتمل ذلك بل كانت مما جرى عليه ملك ووقفت لذلك ولم يعلم واقفها هذه الكنائس الموجودة فالظاهر أيضا أنها لا يضمن وإن كان الهادم ارتكب حراما.
واعلم أن في الآثار التي سنذكرها في كلام الفقهاء وفي كلام الفقهاء ما يقتضي هدم الكنائس وما يقتضي إبقاءها ولا تناقض في ذلك؛ لأنه يختلف باختلاف محالها وصفتها كما سترى ذلك مبينا - إن شاء الله تعالى - فلا تغتر سادة الفقهاء بما تجده من بعض كلام في ذلك حتى تنظر ما فيه من كلام غيره وتحيط علما بأصوله وفروعه.
ولنشرع فيما تيسر ذكره من الأحاديث والآثار وكلام الفقهاء إن شاء الله تعالى طالبا من الله العون والعصمة والتوفيق:
पृष्ठ 8