[9] فيجب من هذا الاعتبار وجوبا تسقط معه الشبهات أن البصر ليس يدرك شيئا من المبصرات التي تكون معه في هواء واحد، ويكون إدراكه لا بالانعكاس، إلا على سموت الخطوط المستقيمة فقط التي تتوهم ممتدة بين سطحه وبين سطح البصر.
[10] وأيضا فإنا نجد البصر ليس يدرك شيئا من المبصرات إلا إذا كان في المبصر ضوء ما إما من ذاته أو مشرق عليه من غيره. ومتى كان المبصر مظلما لا ضوء فيه بوجه من الوجوه لم يدركه البصر ولم يحس به. ونجد البصر إذا كان في مكان مظلم فقد يدرك المبصرات إذا كانت مقابلة له وكانت مضيئة بأي ضوء كان، وكان الهواء الذي بينه وبينها متصلا لا يتخلله شيء من الأجسام الكثيفة. فإذا كان المبصر في مكان مظلم، ولم يكن فيه شي ء من الضوء، وكان البصر في مكان مضيء فليس يدرك البصر ذلك المبصر ولا يحس به. ونجد هذه الحال مطردة لا تختلف ولا تتغير. فدل ذلك على أن المبصر، إذا كان فيه ضوء ما، وكان من المبصرات التي يصح أن يدركها البصر، وكان الضوء الذي في المبصر إلى الحد الذي يصح أن يحس به البصر، فإن البصر يدرك ذلك المبصر، كان الهواء المحيط بالبصر مضيئا بغير الضوء الذي في المبصر أو لم يكن مضيئا بغيرذلك الضوء.
पृष्ठ 66