الفصل السادس في كيفية الإبصار
[1] قد تبين فيما تقدم أن كل جسم مضي ء بأي ضوء كان فإن الضوء الذي فيه يصدر منه ضوء إلى كل جهة تقابله. فإذا قابل البصر مبصرا من المبصرات، وكان المبصر مضيئا بأي ضوء كان، فإن الضوء الذي في المبصر يرد منه ضوء إلى سطح البصر. وقد تبين أيضا أن من خاصة الضوء أن يؤثر في البصر وأن من طبيعة البصر أن ينفعل بالضوء. فأخلق بأن يكون إحساس البصر بالضوء الذي في المبصر إنما هو من الضوء الذي يرد منه إلى البصر.
[2] وقد تبين أيضا أن كل جسم متلون مضيء بأي ضوء كان فإن صورة اللون الذي في ذلك الجسم تصحب أبدا الضوء الذي يصدر عنه إلى كل جهة تقابل ذلك الجسم، ويكون الضوء وصورة اللون أبدا معا. فالضوء الذي يرد لى البصر من الضوء الذي في الجسم المبصر يكون أبدا معه صورة اللون الذي في الجسم المبصر. وإذا كان الضوء واللون يردان معا إلى سطح البصر، وكان البصر يحس بالضوء الذي في المبصر من الضوء الذي يرد إليه من المبصر، فأخلق بأن يكون إحساس البصر باللون الذي في المبصر أيضا إنما هو من صورة اللون التي ترد عليه مع الضوء.
[3] وأيضا فإن صورة اللون تكون أبدا ممتزجة بصورة الضوء وغير متميزة عنها، فليس يحس البصر بالضوء إلا ملتبسا باللون. فأخلق بأن يكون إحساس البصر بلون المبصر والضوء الذي فيه إنما هو من الصورة الممتزجة من الضوء واللون الذي يرد إليه من سطح المبصر.
पृष्ठ 137