345

किताब अल-मनाज़िर

كتاب المناظر

शैलियों

[21] فنقول في جواب هذا الشك إن الثوب المشف الذي يظهر ما وراءه ليس تكون خيوطه إلا دقاقا وتكون ثقوبه نافذة، وإذا كانت الخيوط دقاقا ونظر البصر إلى هذا الثوب فإن الجزء من الخيط الذي يلي ثقبا من الثقوب تحصل صورته في جزء من البصر في غاية الصغر، وتحصل الصورة التى تنفذ من ذلك الثقب فى جزء من البصر في غاية الصغر أيضا، وهذا الجزء يقترن بالجزء الذي حصلت فيه صورة الجزء من الخيط، فيحصل لون الجزء من الخيط ولون الجسم المتلون الذي نفذ من الثقب في جزءين من البصر مجموعهما بمنزلة النقطة بالقياس إلى الحس. وإذا كان الجزءان من البصر المتجاوران مجموعهما بمنزلة النقطة لم يتميز الجزءان للحس، فيصير الحاس يدرك اللونين اللذين بهذه الصفة من جزء هو في غاية الصغر وغير منقسم للحس. وإذا كان ذلك كذلك صار الحاس يدرك ذينك اللونين من جزء واحد من البصر غير منقسم. وإذا أدرك الحاس لونين من جزء واحد من البصر غير منقسم فهو يدرك اللونين ممتزجين، لأن الحاس إنما يدرك اللونين ممزجين متى أدركهما معا من جزء واحد من البصر. فلهذه العلة صار البصر يدرك لون الجسم المتلون من وراء الثوب المشف ممتزجا بلون الثوب المشف. فهذه العلة هي العلة التي من أجلها يدرك البصر المبصر المختلف الألوان في الهواء المتصل ذا لون واحد إذا كان بعده عن البصر بعدا متفاوتا بالقياس إلى كل واحد من الأجزاء المختلفة الألوان. وقد ذكرنا هذا المعنى في الفصل الذي قبل هذا الفصل.

[22] وقد يكون الثوب المشف في خيوطه بعض الغلظ وفي ثقوبه بعض السعة، ويدرك البصر خيوط ذلك الثوب متفرقة ويدرك ثقوبه متفرقة، ومع ذلك يدرك لون الجسم المتلون الذي يظهر من ورائه ممتزجا بلونه. إلا أن الجسم المتلون الذي يدرك على هذه الصفة ليس يكون امتزاج لونه بلون الثوب امتزاجا قويا، بل يكون الذي يمازج لونه من لون الثوب دون ما يمازج لونه من لون الثوب المشف الذي في غاية دقة الخيوط والثقوب. والجسم المتلون الذي يدرك من وراء الثوب المقتدر الخيوط والثقوب إنا يمازج لونه لون الثوب لأن الخيوط لها زئبر دقيق، وكل ثقب من ثقوب ذلك الثوب يعترض فيه زئبر متفرق لتلك الخيوط، ويكون التفرق الذي فيما بين الزئبر في غاية الدقة. فإذا نفذت صورة لون ذلك الجسم المتلون من تلك الثقوب كان في تضاعيفها لون ذلك الزئبر، فتصير الأجزاء من البصر التي يحصل فيها لون ذلك الزئبر في غاية الصغر، ولون الصورة التي تنفذ فيما بين ذلك الزئبر في تضاعيف تلك الأجزاء الصغار من البصر، فلذلك يظهر لون الجسم المتلون من وراء الثوب المتلون الذي بهذه الصفة ممتزجا بلون الثوب امتزاجا ما. والثوب الدقيق الخيوط أيضا يكون فيه مثل هذا الزئبر ، فيجتمع في الثوب الذي بهذه الصفة صغر الأجزاء التي يحصل فيها لون الخيوط وصغر الأجزاء التي يحصل فيها لون الزئبر، فلا تتميز للبصر هذه الأجزاء، فيدرك البصر لون الجسم المتلون من وراء هذا الثوب ممتزجا بلونه، ومع ذلك لا تتميز خيوط الثقب لصغرها، ولذلك يكون امتزاج لون هذا الثوب بلون الجسم المتلون الذي يظهر من ورائه أشد من امتزاج الجسم المتلون بلون الثوب المقتدر الخيوط والثقوب.

पृष्ठ 407