[23] وأيضا فإن المبصر إذا كان قريبا من البصر فإن البصر يدرك حقيقته في زمان أقصر من الزمان الذي يدرك فيه حقيقة ذلك المبصر إذا كان بعيدا عن البصر. وإذا اعتبرت هذه الحال من المبصرات وجدت كذلك دائما، وخاصة إذا كان في المبصر معان لطيفة. وإذا كان ذلك كذلك دائما وخاصة إذا كان في المبصر معان لطيفة، فإن الزمان الذي يدرك فيه المبصر إذا اتفق أن يكون محصورا، فإن عرض البعد الذي يصح أن يدرك فيه البصر حقيقة المبصر يكون بحسب ذلك الزمان. وذلك أن البصر إذا لحظ المبصر ثم انصرف عنه في الحال، أو كان البصر متحركا وأدرك في حال حركته مبصرا من المبصرات ثم خفي عنه ذلك المبصر في الحال من أجل الحركة، أو كان المبصر متحركا وأدركه البصر في حال حركته ثم خفي عنه من أجل الحركة، ولم يثبت في مقابلة البصر، وكان الزمان الذي أدركه فيه يسيرا، فإن المبصر الذي بهذه الصفة إذا كان قريبا من البصر فقد يدرك البصر حقيقته، وإن كان الزمان الذي يدركه فيه يسيرا. وإذا كان بعيدا عن البصر فليس يدرك البصر حقيقته في أقل القليل من الزمان الذي يدرك فيه البصر حقيقة ذلك المبصر إذا كان قريبا من البصر. فإذا كان الزمان الذي يتمكن فيه البصر من تأمل المبصر محصورا، وكان يسيرا، فإن عرض البعد الذي يصح أن يدرك فيه البصر حقيقة ذلك المبصر في ذلك القدر من الزمان يكون أضيق من عرض البعد الذي يدرك فيه البصر حقيقة ذلك المبصر في زمان أوسع من ذلك الزمان. فعرض البعد الذي فيه يدرك البصر حقيقة المبصر بالقياس إلى الزمان اليسير الذي يدرك فيه البصر المبصر ويتمكن من تأمله يكون أضيق من عرض البعد بالقياس إلى الزمان المتنفس الذي يدرك فيه المبصر ويتأمله تأملا صحيحا إذا كان الزمان محصورا.
[24] وكذلك أيضا إذا كان البصر صحيحا قويا ليس به شيء من الآفات ولا فيه شيء من العوارض، فإنه يدرك حقيقة المبصر من بعد أعظم من غاية البعد الذي يدرك منه البصر الضعيف والمأوف والمعوق حقيقة ذلك المبصر. فعرض البعد الذي فيه يدرك البصر حقيقة المبصر بالقياس إلى البصر المأوف والمعوق يكون أضيق من عرض البعد بالقياس إلى البصر الصحيح.
[25] فقد تبين مما شرحناه أن عرض الاعتدال في البعد يكون بحسب المعاني التي في المبصر التي بينا تفصيلها.
[26] وكذلك أيضا عرض الاعتدال في الوضع يكون بحسب لون المبصر، وبحسب المعاني اللطيفة التي تكون في المبصر إن كانت فيه معان لطيفة، وبحسب بعده، وبحسب الضوء الذي يكون فيه، وبحسب حجمه، وبحسب كثافته، وبحسب الهواء، وبحسب الزمان إذا كان الزمان محصورا، وبحسب صحة البصر وقوته.
पृष्ठ 382