[144] وأيضا فإنه قد تبين أن الحاس يدرك السموت التي بين مركز البصر وبين المبصر التي هي سموت خطوط الشعاع ويدرك ترتيب السموت وترتنيب المبصرات وترتيب أجزاء المبصر. وإذا كان الحاس يدرك السموت التي تمتد إلى المبصرات فالقوة المميزة تدرك أن هذه السموت كلما تباعدت عن البصر اتسعت المسافات التي بين أطرافها. وهذا المعنى قد تكرر أيضا على القوة المميزة واستقرت صورته في النفس. وإذا استقر في النفس أن خطوط الشعاع كلما امتدت وبعدت عن البصر اتسعت المسافات التي بين أطرافها فقد استقر في النفس أن خطوط الشعاع كلما بعدت عن البصر كان المبصر الذي عند أطرافها الذي تحيط به تلك الخطوط أعظم. فإذا أدرك البصر مبصرا من المبصرات وأدرك نهاياته فإنه يدرك السموت التي منها يدرك نهايات ذلك المبصر. والسموت التي منها يدرك نهايات المبصر هي الخطوط التي تحيط بالزاوية التي عند مركز البصر التي يوترها ذلك المبصر، وهي الخطوط التي تحيط بالموضع من البصر الذي فيه تحصل صورة المبصر. فإذا أدرك البصر هذه السموت تخيلت القوة المميزة امتداد هذه الخطوط من مركز البصر إلى نهايات المبصر. وإنما كانت مع ذلك قد أدركت مقدار بعد المبصر فهي تتخيل مقدار أطوال هذه الخطوط وتتخيل مقدار المسافة التي بين أطراف هذه الخطوط. والمسافات التي بين أطراف هذه الخطوط هي أقطار المبصر. وإذا تخيلت القوة المميزة مقدار الزاوية وامتداد خطوط الشعاع التي تحيط بالزاوية ومقادير أطوال هذه الخطوط، وتخيلت مقادير المسافات التي بين أطراف هذه الخطوط التي هي أقطار المبصر، فقد أدركت مقدار المبصر على ما هو عليه.
[145] وكل مبصر يدركه البصر ويدرك نهايته فإن الحاس والقوة المميزة يدركان السموت التي تمتد بين مركز البصر وبين نهاياته، ويدركان مقدار الجزء من البصر الذي تحصل فيه صورة ذلك المبصر الذي تحيط به تلك السموت ويوتر الزاوية التي تحيط بها تلك السموت. وإذا أدركت القوة المميزة سموت خطوط الشعاع وأدركت مقدار الجزء من سطح العضو الحاس الذي تحيط به تلك الخطوط فقد أدركت وضع بعضها من بعض وأدركت تفاوتها أو تباعدها وأدركت كيفية امتدادها، ولم يبق شيء يتم به إدراك عظم المبصر الذي عند أطراف تلك الخطوط إلا مقدار بعد المبصر.
पृष्ठ 278